بجعل الماء طهوراً فإن بني إسرائيل ... » (١) فلأنها لو دلّت على أن الماء مطهّر من الأخباث فلا تدل على كيفية التطهير بالماء ، إذ لا تعرض فيها لذلك بوجه. وأمّا قوله عليهالسلام الماء يطهّر ولا يطهر (٢) فلأنه إنّما يدل على أن الماء طهور ، وأمّا أنّه مطهر لأي شيء أو بائه كيفية فلا ، وهو نظير أن يقال : إن الله سبحانه يرزق ولا يُرزق فإنّه يدل على استناد الرزق إلى الله تعالى وأمّا أنّه يرزق أي شيء ، بنتاً أو ابناً أو مالاً وأن رزقه على نسق واحد ، فلا يمكن استفادته منه بوجه لإمكان اختلافه حسب اختلاف الموارد كما هو الواقع.
نعم ، يمكن الاستدلال على ما ذهب إليه العلاّمة بما رواه هو قدسسره في مختلفه مرسلاً عن بعض علماء الشيعة عن أبي جعفر عليهالسلام من أنّه أشار إلى غدير ماء وقال : إن هذا لا يصيب شيئاً إلاّ وطهّره (٣) كما استدلّ بها على كفاية مجرد الاتصال بالكر في تطهير القليل كما يأتي في محلّه.
وبمرسلة الكاهلي عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث « .... أن كل شيء يراه ماء المطر فقد طهر » (٤) والاستدلال بهما مع ما فيهما من الإرسال يتوقف على حمل الإصابة والرؤية فيهما على مفهومهما العرفي ، ولا نحملهما على معنى آخر بقرينة حالية أو مقالية حتى ولو كانت هي المناسبة بين الحكم وموضوعه ، وحينئذٍ يمكن أن يقال : المضاف المتصل بالكر أو المطر مما أصابه الكر أو رآه المطر.
إلاّ أن إبقاءهما على معناهما العرفي غير ممكن لاستلزامه القول بطهارة مثل الخشب ، فيما إذا كان كلا طرفيه نجساً واتصل أحدهما بالكر أو المطر دون الآخر ، أو
__________________
(١) وهي صحيحة داود بن فرقد المروية في الوسائل ١ : ١٣٣ / أبواب الماء المطلق ب ١ ح ٤.
(٢) المصدر السابق ح ٦.
(٣) المختلف ١ : ١٥ ذكر بعض علماء الشيعة : أنّه كان بالمدينة رجل يدخل إلى أبي جعفر محمد ابن عليّ عليهماالسلام وكان في طريقه ماء فيه العذرة والجيف ، وكان يأمر الغلام يحمل كوزاً من ماء يغسل رجله إذا أصابه فأبصره يوماً أبو جعفر عليهالسلام فقال : إن هذا لا يصيب شيئاً إلاّ طهّره فلا تعد منه غسلاً.
(٤) الوسائل ١ : ١٤٦ / أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٥.