إذا كان قليلاً بالإضافة إلى الماء بحيث لا يقال إن المركب منهما شيئان ، ومن هنا لو باع حليباً مزجه بشيء من الماء فليس للمشتري دعوى بطلان المعاملة ، وأن المبيع ليس بحليب بل حليب وغير حليب والوجه فيه : أن الماء بعد استهلاكه واندماجه في الحليب يعد المركب منهما شيئاً واحداً. نعم ، يثبت للمشتري في المثال خيار تخلف الشرط وهو أمر آخر ، ولو لا ما ذكرناه لبطل أغلب البيوع ، فإن المبيع كالخبز والسمن وأمثالهما يختلط بشيء آخر غالباً ولو بمثقال من تراب أو مقدار من الدردي والمفروض أنّه يوجب تعدّد المركّب وبه تفسد البيوع ، مع أن صحة المعاملة في مثلهما ليست مورداً للخلاف ، ولا وجه له إلاّ أن المركب من الدقيق والتراب أو السمن والدردي شيء واحد عرفاً من جهة الاستهلاك والاندماج ، وإن كان لا يخرج بذلك عن التعدّد عقلاً والتركب من جزئين واقعاً ولكنهما شيء واحد عرفاً كما مرّ ، وليس ذلك من جهة التسامحات العرفية في التطبيق وإنّما هو كما ذكرناه في محلّه من جهة سعة المفهوم عندهم على نحو يعم الماء المختلط بمقدار يسير من التراب ، أو السمن الممتزج بشيء قليل من الدردي وهكذا ... فإذا تبينت ذلك فنقول :
إن ملاقاة المضاف للمطلق لا يخلو عن إحدى صور ثلاث لا رابع لها :
الاولى : أن يستهلك المضاف في المطلق لكثرته وقلّة المضاف على وجه يراهما العرف ماء واحداً ، ولا يكون بنظرهم مركباً من ماء ومضاف ، ولا تأمّل في مثله في الحكم بطهارة الماء ، إذ لا وجود للمضاف والمفروض أن الماء عاصم لا ينفعل بشيء.
الثانية : أن يستهلك المطلق في المضاف لكثرته وقلة المطلق ، وفي هذه الصورة أيضاً لا إشكال في الحكم بنجاسة الماء وانفعاله لأنّه مضاف ولو كان ذلك بضرب من المسامحة ، إذ لا وجود حينئذٍ للمطلق حتى ينفعل فإنّه انعدم في المضاف عرفاً.
الثالثة : أن لا يستهلك شيء منهما في الآخر لتوازنهما في الكثرة والقلة وعدم غلبة أحدهما على الآخر بحيث يراهما العرف شيئين ، وربّما يولد اجتماعهما أمراً ثالثاً نظير اجتماع الخل والسكر في السكنجبين ، والماء في هذه الصورة أيضاً محكوم بالنجاسة إذ لا يطلق عليه الماء ، لأن الفرض عدم استهلاك المضاف في الماء وتعددهما بالنظر العرفي ، فإذا لم يكن مطلقاً فهو مضاف لا محالة غاية الأمر لا بمرتبة عالية منه تستهلك