المطلق ، بل بمرتبة نازلة من ذلك وملاقاة مثله للنجس توجب الانفعال ، وهذه الصور هي التي نتعقلها في المقام ولا نتعقل صورة رابعة لها بأن يفرض حصول كل من الاستهلاك والإضافة في زمان واحد معاً ، والوجه في استحالتها أن فرض استهلاك المضاف في المطلق فرض أن المضاف لا وجود له مع المطلق عرفاً كما عرفت في معنى الاستهلاك. وفرض حصول الإضافة أن العرف لا يرى للمطلق وجوداً وانّه عندهم مضاف ، وهما أمران لا يجتمعان ففرض الاستهلاك والإضافة معاً خلف ظاهر.
فإذا عرفت استحالة هذه الصورة وأن فرض الاستهلاك فرض عدم حصول الإضافة وفرض الإضافة فرض عدم حصول الاستهلاك ، تظهر لك استحالة الصورة الثانية أيضاً وذلك لأنّا إذا فرضنا خروج المطلق إلى الإضافة لغلبة المضاف ، فكيف يتصوّر انقلابه إلى الإطلاق بعد ذلك بالاستهلاك إذ المطلق قد استهلك في المضاف ولا وجود له كما تقدم في معنى الاستهلاك ، وما لا وجود له كيف يتغلّب على المضاف ويقلبه إلى الإطلاق بالاستهلاك. نعم ، لا مانع من انقلاب المضاف مطلقاً على غير وجه الاستهلاك كما إذا اختلط الوحل بالماء وأوجب إضافته ، فإنّه إذا مضى عليه زمان تترسب الأجزاء الترابية وتنفك عن الماء لا محالة وبه ينقلب إلى الإطلاق ولكنّه لا بالاستهلاك كما لا يخفى ، هذا كلّه في الدعوى الاولى واستحالة الصورتين.
وأمّا الدعوى الثانية : وهي أنّه على تقدير إمكان حصول الإضافة والاستهلاك معاً لا وجه لحكمه قدسسره بالطهارة ، فالوجه فيها أن مستند حكم الماتن بطهارة الماء حينذاك ، أن المطلق قبل ملاقاته للمضاف باق على إطلاقه واعتصامه ، وأمّا بعد ملاقاتهما وانقلاب المطلق مضافاً فلأنّه وإن انقلب إلى الإضافة على الفرض إلاّ أنّه بعد كونه كذلك لم يلاق مضافاً آخر نجساً حتى يحكم بنجاسته ، فالماء محكوم بالطهارة لا محالة.
وهذا الذي اعتمد عليه الماتن في المقام لا يتم إلاّ بالالتزام بإمكان أمر مستحيل ووقوعه ، وهو فرض ملاقاة المضاف النجس للمطلق بجميع أجزائه دفعة واحدة حقيقية ، بأن يلاقي كل جزء من المضاف لكل جزء من المطلق دفعة واحدة ويستهلك كل جزء منه في جزء من المضاف في آن واحد عقلي.