هل الرّقبة داخلة في الرأس؟
الجهة الثانية : هل الرقبة داخلة في الرأس فيجب غسلها قبل غسل البدن أو داخلة في البدن ، فان قلنا بالترتيب بين الطرف الأيمن والأيسر فلا بدّ من غسل نصف الرقبة مع الطرف الأيمن ونصفها الآخر مع الطرف الأيسر ، وإن لم نلتزم بالترتيب بينهما فيغسلها مع الطرفين بأية كيفية شاءها؟
المعروف بينهم أنها داخلة في الرأس ، وهذا هو الصحيح لا لدعوى أن الرأس يطلق على الرقبة وما فوقها ليقال إنها غير ثابتة وأن الرأس اسم لما نبت عليه الشعر فوق الأُذنين مع أن إطلاقه وإرادة الرقبة وما فوقها ليس إطلاقاً غريباً ، بل قد يستعمل كذلك فيقال قطع رأسه أو ذبح ولا يراد بذلك أنه قطع عمّا فوق الأُذنين ، نعم ليس إطلاقاً متعارفاً كثيراً بل من جهة أن حكم الرقبة حكم الرأس فيجب غسلها مقدّماً على غسل البدن ، لقيام القرينة على ذلك أي على أن حكمها حكمه. والذي يدلّ على ذلك أمران :
أحدهما : صحيحة زرارة الآمرة بصب ثلاث أكف على رأسه وصبّ الماء مرّتين على منكبه الأيمن ومرّتين على منكبه الأيسر (١) ، فإنّ الرقبة لو لم تغسل مع الرأس وكانت الأكف الثلاث لأجل غسل الرأس فحسب فأين تغسل الرقبة بعد غسله؟ فان صبّ الماء على المنكبين لا يوجب غسل الرقبة لوضوح أنها فوق المنكبين ، ولا أمر بالغسل غير غسل الرأس والمنكبين إلى آخر البدن فتبقى الرقبة غير مغسولة.
وثانيهما : موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام الآمرة بعد صبّ الماء على رأسه ثلاثاً بضرب كف من الماء على صدره وكف بين كتفيه (٢) ، فان ضرب الكف منه على صدره وكف بين كتفيه إما أن يكونا هما تمام الغسل الواجب في الغسل وإما أن يكونا مقدّمة لوصول الماء في الغسل الواجب إلى تمام البدن بسهولة ، لأن الماء في
__________________
(١) تقدّمت في ص ٣٦٧.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٣١ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٨.