ثمّ إن المنع عن جريان الاستصحاب فيما جهل تأريخه في أمثال المقام معللاً بعدم اتصال الشك باليقين إنما هو من الشيخ راضي وهو استاد الماتن ( قدس الله أسرارهم ) ويقال إنه أوّل من تنبه إلى هذه المناقشة في أمثال هذه الموارد وادعى أنا استفدنا من روايات الاستصحاب أن الشك لا بدّ وأن يكون متصلاً باليقين ، وذلك لقوله عليهالسلام : « لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت » (١) ، فلا بدّ من اتصال أحدهما بالآخر. وقد يعبر عنه باعتبار إحراز الاتصال كما في كلام صاحب الكفاية قدسسره (٢) وعليه فلا بدّ من التكلم فيما أُريد من اتصال الشك باليقين. وقد قيل في بيان المراد منه وجوه أحسنها ما أفاده صاحب الكفاية قدسسره كما سيتضح :
الأوّل : أن المراد بذلك أن لا يتخلل يقين آخر بين اليقين والشك في البقاء والأمر ليس كذلك فيما جهل تأريخه ، لأن الساعة الاولى من الزوال إذا فرضناها ظرفاً لليقين بالطهارة وشككنا في بقاء الحدث في الساعة الثالثة من الزوال ، فإن كان ظرف الحدث المتيقن هو الساعة الثانية من الزوال بعد الطّهارة فاليقين بالحدث متصل بالشك به وأما إذا كان ظرفه ما قبل الساعة الاولى من الزوال فقد تخلل بين اليقين بالحدث والشك فيه يقين آخر وهو اليقين بالطّهارة ، وحيث إنا لم نحرز أن ظرف الحدث ما قبل زمان اليقين بالطّهارة أو ما بعده فلا محالة يكون المقام شبهة مصداقية للاستصحاب فلا يمكن التمسّك به حينئذ هذا.
__________________
(١) الواقعة في صحيحة زرارة ، الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١ ، وفيه : « ... قلت : لم ذلك؟ قال : لأنك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ... » نعم ورد في رواية محمّد بن مسلم في حديث الأربعمائة المذكورة في الخصال : ٦١٩ « من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فإن الشك لا ينقض اليقين ». والرواية موثقة فان القاسم بن يحيى الواقع في سندها موجود في أسناد كامل الزيارات. هذه الرواية رواها في الخصال : باب حديث الأربعمائة ، ونقلها في جامع الأحاديث ٢ : ٤٦٤ / ٢٥٦٣ وصاحب الوسائل نقل قطعات الحديث المناسبة للوضوء وذكر فيها : من كان على يقين ثمّ شك فليمض على يقينه إلخ. الوسائل ١ : ٢٤٦ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٦.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٢٠.