صاحب الكفاية قدسسره من اعتبار إحراز اتصال زمان الشك باليقين فلأجل عدم المقتضي لجريانه حينئذ أصلاً لعدم إحراز الاتصال ، لا أنه يجري في كل من الطّهارة والحدث ويسقط بالمعارضة (١). وأمّا بناء على ما بنينا عليه وفاقاً للمشهور من عدم اعتبار إحراز الاتصال (٢) فلأنّ استصحاب كل من الطّهارة والحدث يجري في نفسه ولكنّه يسقط بالمعارضة ، فعلى أي حال لا مجال للاستصحاب في المقام فتصل النوبة معه إلى قاعدة الاشتغال هذا.
وقد نسب إلى العلاّمة قدسسره في قواعده والمحقق الثاني في جامع المقاصد تفصيلان في المسألة.
تفصيلان في محل النزاع :
أحدهما : ما حكي عن العلاّمة قدسسره من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة فكالمشهور وصورة العلم بها فيؤخذ بطبق الحالة السابقة المعلومة معلّلاً بالاستصحاب (٣) هذا. والمراجعة إلى كتابه قدسسره تبيّن أن مقصوده من التمسّك على طبق الحالة السابقة والاستصحاب إنما هو ما إذا علم المكلّف بأن ما أتى به من الوضوء كان وضوءاً رافعاً وكذلك الحدث حدث ناقض ، وليس من الوضوء بعد الوضوء ولا الحدث بعد الحدث ، وذلك لأنه عقد الكلام في مسألة الاتحاد والتعاقب بأن علم أنه أتى بوضوء واحد وحدث واحد ولكن وقع الحدث بعد الطّهارة أو الطّهارة بعد الحدث ، ولم يقع الحدث بعد الحدث ولا الوضوء بعد الوضوء.
وعليه فإذا كان محدثاً فعلم بوضوئه وحدثه فلا محالة يعلم بحدثه وأن وضوءه قد وقع قبل حدثه ، وإلاّ لوقع الحدث بعد الحدث ، والمفروض أنه عالم بأن حدثه إنما وقع بعد الطّهارة لا بعد الحدث ، وكذا الحال فيما إذا كان متطهراً فعلم بحدث ووضوء ، لأنه
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٢٠.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ١٨٥.
(٣) القواعد ١ : ٢٠٥.