ثمّ إنّ المحقِّق في شرائعه أسند وجوب الإمساك عن البقاء على الجنابة عامداً حتى يطلع الفجر إلى الأشهر حيث قال : عن البقاء عامداً حتى يطلع الفجر من غير ضرورة على الأشهر (١). وظاهره أن القول المقابل أعني عدم وجوب الاغتسال إلى طلوع الفجر مشهور. وهذا على خلاف الواقع ، حيث عرفت أنه ممّا لا قائل به من المتقدِّمين إلى زمان المحقِّق سوى الصدوق قدسسره. والأردبيلي والداماد متأخران عن المحقق قدسسرهم ، إلاّ أن يحمل الأشهر على الأشهر من حيث الرواية ، وعليه يصحّ كلام المحقِّق لأن الطائفة الأُولى كما عرفت أشهر من حيث الرواية والثانية مشهورة ، ولكنّك عرفت عدم دلالتها ، نعم الصحيحتان المشتملتان على حكاية فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله من الروايات النادرة كما مرّ. فتحصل أن الطّهارة من الحدث الأكبر شرط في صحّة صوم رمضان هذا ، ولكن بعد المراجعة إلى الشرائع ظهر أن نسخها مختلفة ، ففي متن الجواهر (٢) ومصباح الفقيه للمحقِّق الهمداني (٣) على الأشهر ، وفي نفس الشرائع المطبوعة عندنا : على الأظهر ، وأما متن المسالك (٤) والمدارك (٥) فهو غير مشتمل لا على كلمة الأشهر ولا الأظهر. والظاهر المناسب أن تكون على الأظهر دون الأشهر ، ولعلّ نسخة صاحب الجواهر والمصباح كانت مغلوطة هذا.
ما استدلّوا به على جواز البقاء على الجنابة
ثمّ إنهم استدلوا على جواز البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان بقوله عزّ من قائل : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ
__________________
(١) الشرائع ١ : ١٨٩.
(٢) الجواهر ١٦ : ٢٣٦.
(٣) مصباح الفقيه ( الصوم ) ١٤ : ٤٠١.
(٤) المسالك ٢ : ١٧. إلاّ أنّ متنه مشتمل على كلمة الأشهر.
(٥) المدارك ٦ : ٥٣. إلاّ أنّ متنه مشتمل على كلمة الأشهر.