بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها » (١) فانّ كلمة « من » للابتداء ، وإذا صبّ الماء على شعرها وابتدأ منه البلل إلى أن وصل إلى الرأس أجزأها. وأمّا صحيحة زرارة المتقدِّمة من قوله : « أرأيت ما أحاط به الشعر » (٢) المتوهمة دلالتها على كفاية غسل الشعر عن غسل البشرة فقد تقدّم الجواب عنها فلا نعيد.
ويؤيد ما ذكرناه ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من أن تحت كل شعرة جنابة (٣) فإنه يدلّ على لزوم غسل تحت الشعرات لترتفع الجنابة الكائنة تحتها.
وأمّا المقام الثاني وأن غسل الشعر أيضاً واجب أو غير واجب فقد يكون الشعر خفيفاً كما لا يخلو عنه الغالب فيوجد في مواضع غسله أو وضوئه شعور خفيفة ، ولا إشكال في وجوب غسلها حينئذ لأنها من توابع البدن ، فقوله : تغسل من قرنك إلى قدمك ، أو تفيض الماء على جسدك. يشمل الشعور الخفيفة أيضا.
وقد يكون الشعر كثيفاً كما في شعور النساء أو لحى الرجال فهل يجب غسلها أو لا يجب؟ فلو كان على شعره قير مانع من وصول الماء إلى نفس الشعور ومانع عن غسلها وقد غسل نفس البشرة أفيكفي ذلك في صحّته لأن الشعر غير واجب الغسل؟ المعروف بينهم عدم وجوب غسل الشعر في الغسل وإن قلنا بوجوبه في الوضوء ، لما ورد من تحديد مواضع الغَسل بما بين القصاص والذقن أو من الذراع إلى الأصابع (٤) فإنه يشمل الشعر والجسد ، وأمّا في الغسل فلم يلتزموا بذلك.
وخالفهم فيه صاحب الحدائق قدسسره ومالَ إلى أن الشعر كالبشرة ممّا يجب غسله. واستدلّ على ذلك بأن الشعر غير خارج عن الجسد ولو مجازاً فيدلّ على وجوب غسله ما دلّ على وجوب غسل الجسد ، كيف وقد حكموا بوجوب غسل الشعر في الوضوء معللين ذلك تارة بدخوله في محل الفرض وأُخرى بأنه من توابع
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٤١ / أبواب الجنابة ب ٣١ ح ٤ ، ٣١١ / أبواب الحيض ب ٢٠ ح ٢.
(٢) تقدّمت في ص ٣٦٠.
(٣) مستدرك الوسائل ١ : ٤٧٩ / أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ٣. وفيه : ... فبلغ الماء تحتها في أُصول الشعر كلّها ...
(٤) الوسائل ١ : ٣٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢ ، ١١. ب ١٧.