في الصورة الثالثة فاستصحاب بقاء طهارته يقضي بعدم وجوب الوضوء. هذا ما أفاده في المتن. إلاّ أن في عبارته قدسسره سهواً من قلمه الشريف كما نبّه عليه سيِّدنا الأُستاذ ( مدّ ظله ) في تعليقته ، وذلك لأن عدم اتصال الشك باليقين إنما هو في مجهولي التأريخ وهو الصورة الاولى من الصور المتقدّمة ، وأما في الصورة الثانية أعني ما إذا علم تأريخ الحدث وجهل تأريخ الوضوء فالشك فيه متصل باليقين بالحدث ويجري فيه الاستصحاب كما بنى عليه هو قدسسره وإنما عدم الاتصال بالإضافة إلى ما جهل تأريخه دون ما علم تأريخه ، ففي عبارته سهو من القلم الشريف. والصحيح أن يقول : والأمر وإن كان كذلك فيما جهل تأريخهما إلاّ أن إلخ.
وإذا عرفت ذلك فلنتكلم في حكم الصورة الثالثة أعني ما إذا علم تأريخ الوضوء وجهل تأريخ الحدث ، فهل يجري الاستصحاب في كل من الحادثين ويتساقطان بالمعارضة ، أو يجري الاستصحاب فيما علم تأريخه دون ما جهل تأريخه؟ فقد عرفت أن الماتن ذهب إلى جريانه فيما علم تأريخه ومنع عنه في المجهول تأريخه معلّلاً بعدم اتصال الشك باليقين ، وذلك لأنّا إذا فرضنا الساعة الاولى من الزوال ظرف اليقين بالطّهارة وعلمنا أن الحدث أيضاً قد تحقق ، فإن كان ظرف الحدث ما قبل الزوال أي ما قبل الساعة الاولى من الزوال فقد تخلل بين اليقين بالحدث وبين الشك فيه اليقين بالطّهارة وهو رافع للحدث ، وإن كان ظرف الحدث هو الساعة الثانية من الزوال والمفروض أن الشك في الساعة الثالثة من الزوال فهما متصلان ، وحيث إنا لم نحرز الاتصال فالمقام شبهة مصداقية للاستصحاب ، ومعه لا يمكن التمسّك بعموم أدلّة اعتباره.
وليعلم أوّلاً أن الشك في المقام إنما هو في بقاء ما علمنا بحدوثه ، وجامعه أن نعلم بحدوث ضدين ونشك في المتقدّم والمتأخّر منهما ، لأن ما حدث متأخراً هو الباقي الرافع لما حدث أوّلاً ، وهذا غير ما إذا علمنا بحدوث مطلق حادثين وشككنا في المتقدّم والمتأخّر منهما من غير شك في بقاء أحدهما وارتفاع الآخر الذي يجري فيه أصالة تأخر الحادث فلا تذهل.