ولا يخفى أن هذا الوجه مقطوع الفساد ، وذلك لما بيناه في بحث الاستصحاب من أن المدار في جريانه إنما هو على اجتماع اليقين والشك الفعليين في زمان واحد (١) ، بأن يكون للمكلف يقين بالفعل من حدوث الشيء ويكون له شك فعلي في بقائه ، فهما لا بدّ أن يكونا متّحدا الزمان ، نعم قد يتحقق اليقين قبل تحقق الشك أو بعده إلاّ أن المناط والاعتبار في جريان الاستصحاب إنما هو باجتماعهما في زمان واحد كما عرفت فلا اعتبار باليقين السابق على زمان الشك في البقاء ، كان على وفق اليقين المتحد مع الشك بحسب الزمان أم على خلافه.
فإذا كان الاعتبار في جريانه باجتماع اليقين والشك في البقاء في زمان فلا معنى لاعتبار اتصال أحدهما بالآخر ، لأن الاتصال إنما يتعقل بين المتغايرين وقد عرفت أن اليقين والشك في الاستصحاب متحدان بحسب الزمان ، وإذا راجعنا وجداننا في المقام نجد أنا على يقين من الحدث كما أنا على شك في بقائه في الساعة الثالثة من الزوال وقد مرّ أنه لا اعتبار باليقين السابق مخالفاً كان أم موافقاً وإنما الناقض لليقين في الاستصحاب هو اليقين البديل للشك في البقاء أعني اليقين بالارتفاع المجتمع مع اليقين بالحدوث في الزمان هذا.
والذي يدلنا على ما ذكرناه أنا لو قلنا باعتبار الاتصال بهذا المعنى في الاستصحاب للزم المنع عن استصحاب الحدث على وجه الإطلاق في جميع الموارد حتى مع العلم بتأريخه ، وكذا كل أمر يعتبر العلم وعدم الغفلة في الإتيان بمنافيه ، وذلك لأنا إذا علمنا بالحدث في أوّل ساعة من الزوال ثمّ شككنا في بقائه وارتفاعه باحتمال أنا توضأنا أو اغتسلنا ، فقد احتملنا طروء اليقين بالطّهارة وتخلله بين اليقين بالحدث والشك في بقائه ، حيث لا بدّ من العلم والالتفات بالوضوء والغسل في صحّتهما فهو حالهما كان متيقناً من طهارته لا محالة ، ومع احتمال تخلل يقين آخر بين اليقين والشك لا يجري الاستصحاب لأنه شبهة مصداقية له حينئذ ، وهذا مما لا يلتزم به السيِّد ولا غيره من الأعلام ( قدس الله أسرارهم ).
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٩١ ٢٤٥.