ودعوى أنّا كما نستصحب بقاء الحدث نستصحب عدم اليقين بالطّهارة وعدم الوضوء والغسل ، مندفعة بأنه لا يثبت الاتصال المعتبر في جريانه على الفرض ، فلو قلنا بهذه المقالة فلا مناص من سدّ باب الاستصحاب في أمثال الحدث في جميع الموارد مع أنهم يتمسكون به في تلك المقامات من غير خلاف ، وسرّه ما عرفت من أن الاستصحاب يتقوم باليقين والشك الفعليين المتحققين في زمان واحد ولا اعتبار باليقين السابق ، وهما موجودان في المقام وغيره ، ولا معنى لاشتراط الاتصال في المتحدين فلا يكون المقام شبهة مصداقية للاستصحاب باحتمال تخلل يقين آخر بينهما وإنما تكون الشبهة مصداقية فيما إذا شك في أنه متيقن من الأمر الفلاني أو ليس له يقين ، إلاّ أنا أسلفنا في محلِّه أنه لا يعقل الشك والتردّد في مثل اليقين والشك ونحوهما من الأوصاف النفسانية ، لدوران أمرها بين العلم بوجودها والعلم بعدمها (١).
الثاني : أن الاعتبار في الاستصحاب وإن كان باجتماع اليقين الفعلي مع الشك الفعلي في زمان واحد إلاّ أنه يعتبر في الاستصحاب أن لا يكون ذلك اليقين يقيناً بأمر مرتفع ولو على نحو الاحتمال ، وأما إذا احتملنا أن يكون ذلك اليقين الفعلي الموجود بعينه يقيناً بالارتفاع وبما هو مرتفع في نفسه ، فلا محالة يكون المورد شبهة مصداقية فلا يمكن التمسّك فيه بالاستصحاب ، والأمر في المقام كذلك ، لأن المفروض أن لنا يقيناً بالطّهارة في أوّل ساعة من الزوال ، فيقيننا بالحدث إن كان متعلقاً بالحدث قبل الساعة الاولى من الزوال فهو عين اليقين بارتفاع الحدث أي يقين بأمر مرتفع للعلم بالطّهارة بعده ، نعم إذا كان متعلقاً بالحدث بعد الساعة الأُولى فهو ليس يقيناً بالارتفاع فيجري الاستصحاب في بقائه ، وحيث إنا نحتمل أن يكون اليقين بالحدث بعينه يقيناً بالارتفاع فلا يمكن التمسّك بالاستصحاب في مثله هذا.
ولا يخفى أن هذا الوجه أيضاً كسابقه مقطوع الفساد ، وذلك لأنا لا نحتمل اليقين بالحدث المقيّد بكونه قبل الساعة الاولى من الزوال ، لما بيناه في بحث العلم الإجمالي من أن العلم الإجمالي إنما يتعلّق بالجامع بين الطرفين أو الأطراف ، غاية الأمر الجامع
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ١٨٥.