أنّ طبيعة النّية وجوهرتها تغاير طبيعة العمل ، وأنّها خير بالاصالة والعمل خير بالتّبع ، ومنه يعلم شرّيّة نيّة الكافر ، وقيل في هذا المقام معانٍ أخر.
وأنّه يُحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة (١) ، المراد بها : العقائد الأصوليّة فيحشرون مؤمنين أو كفّاراً أو منافقين كيفما كانت النّيات ، أو يحشرون في اتّصافهم بجزاء الأعمال على وفق نيّاتهم في تلك الأعمال.
وأنّ صاحب النّية الصادقة صاحب القلب السليم (٢).
وأنّ حدّ العبادة حسن النّية بالطاعة (٣).
وأنّ العبادة لله رغبة في ثوابه عبادة التّجّار وعبادة العبد المطمع ، إن طمع عمل وإلّا لم يعمل. والعبادة رهبةً وخوفاً من النار عبادة العبيد ، إن لم يخافوا لم يعملوا. والعبادة له تعالى لكونه أهلاً لها وشكراً لأياديه وإنعامه عبادة الأحرار.
وقوله : « عبادة التّجّار » قد يتخيّل بطلان العبادة إذا قصد بها طلب الجنّة أو الفرار من النار لكنّه فاسد ؛ فإنّ أكثر الناس يتعذّر منهم العبادة لمجرّد كونه تعالى أهلاً لها ، أو لابتغاء ذات الله ووجهه ، فإنّهم لا يعرفون الله تعالىٰ إلّا بعنوان أنّه صاحب جنّةٍ ونارٍ ونحوه من الأوصاف ، فيتذكّرون الجنّة ويعملون لطلبها ، والنار فيعملون للفرار عنها ، كما أنّه ليس غرضهم تأثير العمل تكويناً بلا واسطة الربّ تعالى ، بل يعتقدون أنّ له الخيرة كلّها في بذل الثواب ودفع العقاب لكونهما بيده وهذا المقدار كافٍ في الصّحة وترتّب الأثر ، كيف وقد قال الحكيم تعالى : ( وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ) (٤) وقال : ( وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ) (٥). وهذا أمر وترغيب في العبادة
____________________________
١) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢٠٩.
٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ٢١٠ ـ نور الثقلين : ج ٤ ، ص ٥٨.
٣) بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص ١٩٩.
٤) الأعراف : ٥٦.
٥) الأنبياء : ٩٠.