لصدق وجود الطبيعة يمتنع (١) صدق انتفائها بانتفاء بعض الأفراد الاخر ، فلا يجوز تعليق النفي على الطبيعة من حيث هي باعتبار انتفاء بعض أفرادها مع وجود بعضها الآخر ، فلذا لا حاجة حينئذ إلى إحراز كون المتكلّم في مقام البيان ، بل اللفظ بيان من أوّل الأمر ، وظاهر في العموم ، ويصلح للمعارضة لما دلّ من الخارج على التخصيص ، كما أنّه في صورة الإثبات كذلك من أوّل الأمر بالنسبة إلى فرد واحد ، ويصلح للمعارضة لما دلّ من الخارج على نفي الحكم عن جميع الأفراد ، وأمّا بالنسبة إلى ما يدلّ على نفيه عن بعضها فلا يصلح للمعارضة له ، بل موضوع استفادة العموم منه مرتفع حينئذ بذلك الدليل ، إذ هو عدم البيان ، وذلك بيان.
وإن شئت توضيح الحال : فافرض القطع بتعليق النفي والإثبات على أصل الطبيعة ، فانظر ما ذا ترى من الفرق بينهما ، فهل تتوقّف حينئذ عن الحكم بعموم النفي إلى إحراز مقام البيان أو تحكم بعموم الإثبات مع قطع النّظر عن إحراز كون المطلق واردا في مقام البيان؟ حاشاك ، ثم حاشاك.
ثمّ بعد إحرازه وكون المراد تعليق الحكم على نفس الطبيعة لا بشرط ، وأنّ جميع الأفراد متساوية في تحصيل ما هو المقصود منها من دون خصوصية لبعض دون آخر ، فهل تتوقّف في صورة تعلّق الأمر بها كذلك في تحقّق الامتثال بإيجاد فرد واحد منها ، أو تكتفي في تحقّقه في صورة تعلّق النهي بها بترك فرد واحد؟ كلاّ ، ثمّ كلاّ.
والحاصل : أنّه إذا أحرز تعليق الحكم على الطبيعة ففي صورة النفي لا حاجة في إثبات عموم النفي إلى إحراز مقام البيان ، بل اللفظ بملاحظة تعليقه عليها ظاهر فيه ، بخلاف صورة الإثبات فإنّه لا ظهور له في عموم الإثبات
__________________
(١) في الأصل : فيمتنع ...