ظهور الحال في الإيجابي يظهر الحال في الندبي أيضا ، لفقد ما يوجب الفرق بينهما ، فإنّ جهة الوجوب والندب غير جهة الفور والتراخي ، فلا ملازمة بينهما ، فافهم.
ثمّ المراد بالفور في كلام القائلين به يحتمل وجوها :
الأوّل : ثاني زمان الصيغة ، أي عدم الرضا بتأخير الفعل عنه.
الثاني : أوّل أوقات الإمكان ، بمعنى عدم الرضا بالتأخير عنه.
الثالث : الفوريّة العرفية.
الرابع : الفورية المختلفة في العرف باختلاف الأفعال.
الخامس : عدم الوصول إلى حدّ التهاون.
والمراد بالتراخي ما يقابله بكلّ من الاحتمالات.
لكن الظاهر ـ بل المقطوع ـ عدم قائل بجواز التأخير إلى حدّ التهاون ، فيكون ذلك قرينة على حصر المراد في الاحتمالات الأربعة السابقة ، فيظهر ضعف ما في تفسير بعضهم إيّاه بالخامس ، فتدبّر.
الثاني : (١).
قد يقال أو قيل : إنّ مقتضى الأصول اللفظيّة كون صيغة الأمر موضوعة للقدر المشترك بين الفور والتراخي ، نظرا إلى استعمالها في كل منهما ، والمفروض وجود الجامع بينهما ، والأصل حينئذ وضع اللفظ لذلك الجامع إذا أحرز استعماله فيه أيضا ، أو بدونه (٢).
وفيه : أنّه لم يقم دليل على اعتبار مثل ذلك الأصل على تسليم الصغرى
__________________
(١) « الأمر الثاني في تأسيس الأصل الّذي يعوّل عليه عند الشكّ وفقد الدليل على إثبات أحد الاحتمالات ». هكذا جاء في هامش الأصل.
(٢) الترديد إشارة إلى القولين في ذلك الأصل. لمحرّره عفا الله عنه.