وكيف كان ، فلو لا كون الصيغة من جهة المعنى مطلقة بالنسبة إلى خصوصية الوجوب والنّدب لما صحّ تعلّقها في إطلاق واحد بأمور بعضها واجب ، وبعضها مندوب ، كقوله ـ مثلا ـ : صلّ الظهر ونافلتها ، إلاّ بطريق استعمالها في معنيين ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله ، مع أنّه لا شبهة في ورود الصيغة في خطابات الشارع على هذا النحو إلى حدّ لا يحصى فذلك يكشف عن أنّها مستعملة في تلك الإطلاقات في نفس الحصة الموجودة من الطلب في الإطلاق الخاصّ المجردة عن شيء من الخصوصيّتين ، وإنّما استفيد كيفية تعلّقها بكلّ واحد من الأمور من الخارج.
لا يقال : إنّ المتعلّق بالنافلة في المثال المذكور ليس هذه الصيغة الملفوظة ، بل هي المقدّرة بقرينة الواو.
لأنّا نقول : إنّه مع أنّ واو العطف لا يقتضي أزيد من التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه إلاّ في الحكم المذكور ، لا ينحصر المثال فيما ذكر ، لورود ما ذكرنا بدون ذكر واو العطف ، وإطلاقه في العرف كثيرا كقولك : ( زيد وعمر وأكرمهما ) إذا كان الغرض وجوب إكرام زيد واستحباب إكرام عمرو ، فإنّه بمنزلة أكرمهما ، فلا يتمشّى ـ حينئذ ـ التوهّم المذكور.
وبهذا ظهر أنّه يصحّ إطلاق الصيغة وإرادة الطلب منها مع تعلّقها بأمور :
بعضها واجب ، وبعضها مندوب ، وبعضها يكون طلبه لمجرّد الإرشاد.
وظهر ـ أيضا ـ إمكان إرادة الرخصة منها ، مع تعلّقها بأمور : بعضها واجب ، وبعضها مندوب ، وبعضها مباح ، مع إفادة كيفية تعلّق الإذن بكلّ منها من الخارج.
ثمّ الجواب عن توهّم امتناع إرادة القدر المشترك وحده ـ بتوهّم امتناع
__________________
معه لفظيا. لمحرّره عفا الله عنه.