تحقّقه بدون الخصوصيّتين لانحصار فرده فيهما ـ : أنّك قد عرفت أنّ الممتنع هو تحقّق إرادة شيء في نفس الشخص الملتفت إلى الترك ، بدون الرضا بالترك ، أو بعدمه مع إمكان تحقّقه بدونهما بالنسبة إلى الغافل عنه ، كما اعترف به صاحب المعالم ـ قدّس سرّه ـ ، وأمّا الطلب فهو ليس من مقولة الإرادة ، بل من مقولة الأفعال (١) ، فإنّه ليس إلاّ تحريك المأمور بآلية هذه الصيغة إلى المأمور به ، وقد يتأكّد هذا التحريك بحيث يفهم منه الحتم والإلزام ، فيكون وجوبا ، وقد يقام القرينة على الإذن في الترك ، فيكون ندبا ، وقد يخلو عن كلا الأمرين بحيث ليس الموجود بالصيغة إلاّ مجرّد التحريك من دون شيء من الأمرين.
وتوهّم أنّ قوام القدر المشترك إنّما هو بإحدى الخصوصيّتين بحيث يمتنع تحقّقه في الخارج بدونهما.
مدفوع : بأنّ كلّ كلّي يتحقّق في الخارج بوجود فرده لا محالة ، وإنّما الممتنع وجوده من غير وجود فرد أصلا ، كما هو مبنى دليل المنع ، وأفراد ذلك القدر المشترك فيما نحن فيه إنّما هي الحصص الموجودة منه في الخارج ، المتشخّصة بخصوصيات الآمرين والمأمورين والأفعال المأمور بها.
وبعبارة أخرى : إنّها كلّ طلب خاصّ صادر من آمر كذلك إلى مأمور كذلك بالنسبة إلى فعل كذلك ، فهو ما لم يتشخّص بهذا التشخّص يمتنع وجوده في الخارج ، فالمقوّم له إنّما هو التشخّص من حيث الآمر والمأمور والمأمور به.
وأمّا تشخّصه من حيث التأكّد والضعف فليس من مقوّماته ، لجواز انفكاكه عنه في الخارج [ كما إذا ](٢) كان أمر من غير الدلالة على الحتم ، أو الإذن في الترك ، وإن كان الظاهر عند الإطلاق هو الأوّل.
__________________
(١) وبعبارة أخرى : إنّه إرادة لفظيّة لا قلبيّة. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) إضافة يقتضيها السياق.