والحاصل : أنّ إثبات اقتضاء الأمر الثاني للإجزاء بالنسبة إلى الأمر الأوّل الواقعي مبنيّ على مقدّمتين :
إحداهما : أن يدلّ هو على بدلية متعلّقه عن المأمور به الواقعي وانقلاب الأمر الواقعي إلى متعلّقه بالفعل.
وثانيتهما : أن يثبت الملازمة عقلا بين الإتيان بالمأمور به بأمر بالفعل على وجهه وبين الإجزاء بالنسبة إلى ذلك الأمر.
فإذا فرض الاتّفاق على الثانية وخروجها عن محلّ الخلاف يكون (١) مورده منحصرا في الأولى ، فيكون المسألة لفظية ، ويشعر به إيرادهم لها في باب الأوامر.
هذا ، لكن الإنصاف عدم ثبوت الاتفاق المذكور ، بل حكي عن بعض من العامّة (٢) خلاف ما ادّعي الاتفاق عليه (٣) ، فالظاهر ثبوت الخلاف في المقامين وإن كان في أحدهما هنا.
فيظهر من ذلك رجوع التحرير الأوّل في المعنى إلى الثاني وأنّ المراد باقتضاء الأمر ليس دلالته لفظا بإحدى الدلالات الثلاث ، بل المراد دلالته على
__________________
(١) في الأصل : فيكون ...
(٢) وهو أبو هاشم وعبد الجبّار على ما حكي عنهما. لمحرّره عفا الله عنه.
(٣) نعم المخالف فيه شاذّ لا يعبأ به ، فلذا ترى الفقهاء يتعرّضون لتلك القضية ـ وهي أنّ الأمر يقتضي الإجزاء ، أو لا يقتضيه ـ في مقام نفي الإعادة والقضاء ، أو (أ) إثباتهما في الأمر الثاني عند انكشاف مخالفة متعلّقه للواقع أو زوال العذر ، فمنهم من يستدلّ بها على نفي الإعادة والقضاء ، ومنهم من ينكرها ، وأمّا فيما ، إذا أتى بالمأمور به واقعا على وجهه فلم يقل أحد منهم حينئذ بعدم الإجزاء ، وكذا إذا أتى بالمأمور به بالأمر الثانوي الواقعي أو الظاهري ، فلم يقل أحد منهم بعدم الإجزاء بالنسبة إلى نفس ذلك الأمر ، وسيأتي توضيح ذلك ، فانتظر.
__________________
(أ) في الأصل : أو على إثباتهما.