الإجزاء عقلا ، فمدّعي الدلالة نظره إلى ثبوت الملازمة بين الإتيان بالفعل المطلوب على وجهه والإجزاء عن التعبّد به ثانيا بالنظر إلى هذا الطلب المتعلّق به ، فإنّه إذا ثبت تلك الملازمة ـ بين الإتيان بالفعل المطلوب بعنوان كونه مطلوبا وبين الإجزاء ـ يكون (١) الطلب المتعلّق به دالاّ بالدلالة الالتزامية العقلية على الإجزاء ، فيكون ما دلّ على الطلب ـ وهو الأمر ـ دالاّ عليه كذلك ، نظير دلالته على وجوب المقدّمة وعلى النهي عن ضدّ الواجب على القول بهما.
ومدّعي عدمها نظره إلى منع تلك الملازمة ، إذ بدونها ينتفي الدلالة المذكورة.
والحاصل : أنّ محطّ النّظر في كلّ من التحريرين إلى تلك الملازمة.
وأمّا إيرادهم للمسألة في باب الأوامر فإنّما هو من باب مناسبة ما بينهما ، نظرا إلى أنّ الغالب من الطلب ما يكون باللفظ نظير إيراد مسألتي مقدّمة الواجب واقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ فيها.
فظهر أنّه يصحّ تحرير الخلاف بأيّ من التحريرين وإن كان الثاني منهما أطبق بالمقصود (٢) ، لعدم مدخلية الأمر فيه أصلا.
نعم كون الإتيان بالفعل المطلوب مؤثّرا في الإجزاء إنّما هو بعد تعلّق الطلب به ، لأنّه بهذا العنوان المنتزع منه يؤثّر فيه لا مطلقا ، كما في الصلاة قبل وجوبها ، فإنّها لا تقتضيه قطعا ، فالطلب من شروط الاقتضاء ، فافهم.
ثمّ إنّ تقييد بعض من عنوان الخلاف على التحرير الأوّل بقوله : ( إذا أتى بالمأمور به على وجهه ) لأجل أنّ الأمر لا يدلّ على الأجزاء على القول به مطلقا ، بل تختصّ دلالته عليه بذلك التقدير كما هو واضح ، وهذا القيد مطويّ في نظر
__________________
(١) في الأصل : فيكون ..
(٢) الصحيح : ( أكثر مطابقة للمقصود ). ، لأنّ اشتقاق أفعل التفضيل من الفعل الرباعي غير قياسي.