الموجود بعد ارتفاعه ، ومن غير فرق فيه في الصورتين بين أن يكون مجامعا مع مثله أو غير مجامع معه ، فإنّه مع وقوعه بعد إحراز تلك الشروط تعبّد للمولى من جهة ذلك الأمر مطلقا وموجب لاستحقاقه الثواب عليه كذلك ، لما عرفت من حكم العقلاء به.
هذا كلّه إذا كان الفرد المأتيّ به ثانيا مساويا للأوّل ، وأمّا إذا كان أفضل منه باشتماله على صفة حسن مفقودة في الأوّل فالأمر فيه أظهر.
فإذا عرفت ذلك فنقول : لا إشكال في أنّ المأمور به في الأوامر الواردة بالصلوات اليومية الخمس الموقتة بأوقاتها المخصوصة إنّما هي الطبيعة من حيث هي ، المطلقة من جهة خصوصيّات الأفراد الواقعة في تلك الأوقات ، ومن جهة خصوصيّات أجزاء تلك الأوقات ، ومن جهة إيقاعها مرة أو مرات ، فيعلم من ذلك أنّ المأمور به في تلك الأوامر محبوب للشارع على الإطلاق بحيث كلّ ما وجد منه في الوقت المحدود له يكون محبوبا له البتّة ، فإنّ ذلك لازم تعلّق الأمر بالطبيعة (١) ، كما عرفت.
فعلى هذا : فإذا أوجد المكلّف بعد الإتيان بفرد منه فردا بلحاظ انطباقه على الطبيعة المأمور بها المحبوبة للشارع بأحد الوجهين المشار إليهما مع عدم المنع من إيجاد ذلك الفرد ، فيقع ذلك تعبّدا للمولى من جهة ذلك الأمر البتّة ، ويصدق عليه الإعادة ـ أيضا ـ على سبيل الحقيقة ، فإنّه ليس إلاّ التعبّد بالفعل ثانيا في الوقت من جهة الأمر الأوّل ، والمفروض حصوله في المقام ، ولا شبهة أيضا ـ في عدم المنع من إعادة الصلاة جماعة ، كما نطقت به الأخبار ـ أيضا ـ فحينئذ يحمل الأمر بالإعادة في تلك الأخبار على هذا المعنى ، فيدفع إشكال المنافاة بينها وبين قاعدة الأجزاء ، فتدبّر.
__________________
(١) في الأصل : تعلّق الأمر على الطبيعة ..