وأمّا إذا انكشف فيكون ما فعله كما لم يفعل أصلا ، وحينئذ إذا كان ذلك في الوقت فيجب عليه الإعادة البتّة لبقاء الأمر الواقعي على حاله المقتضي للزوم الإتيان بمتعلّقه وتنجّزه على المكلّف لفرض علمه به حينئذ.
وإذا كان في خارجه فيجب عليه القضاء ـ أيضا ـ إن قلنا بأنّه بالأمر الأوّل ، وإن قلنا : إنّه بأمر جديد فلا يزيد عمله في الوقت بمقتضاها على صورة عدمه فيه أصلا ، لعدم تأثيره فيما هو المطلوب منه واقعا ، ولا في تحصيل شيء من الأغراض المقصودة منه ، فيكون موردا لدليل القضاء البتّة لفوت المطلوب منه في الوقت بالمرّة ، فإنّ ذلك من الصور المتيقّنة الدخول فيه.
وبالجملة : فعدم الإجزاء هنا أوضح من أن يحتجّ عليه.
الثاني : في العمل بمؤدّى الطرق والأمارات والأصول الشرعية :
والحقّ هنا ـ أيضا ـ عدم الإجزاء مطلقا ، وإن لم يكن هو هنا في الوضوح مثله في الموضع الأوّل ، نظرا إلى أمر الشارع فيها بالسلوك على مقتضاها دون الطرق والأصول العقليتين ، فلذا توهّم بعض ثبوت الإجزاء هنا.
وتوضيح ما اخترناه : أنّ الطرق التي عمل بها المكلّف في مقام الامتثال : إمّا من الطرق المجعولة من الشارع في حال الانسداد فقط ، أو ممّا يعمّ اعتبارها حال الانفتاح والتمكّن من تحصيل الواقع علما.
فإن كانت من الأولى : فالحال فيها هي الحال في الطرق العقلية من حيث عدم معقولية الإجزاء معها ، فإنّ أمر الشارع حينئذ بالعمل بمقتضاها ليس إلاّ لمجرّد مصلحة الإيصال الغالبي أو الأغلبي في تلك الطرق ، فليست هي حينئذ إلاّ الطرق الصرفة ، ومن البديهيّات الأوليّة أنّ ما ليس له إلاّ مجرّد صفة الطريقية الصرفة لا يعقل أن يؤثّر في ذي الطريق الّذي هو المكلّف به الواقعي في شيء ، بل فائدته إنّما هي الإيصال إليه ، فإن أصول فهو ، وإلاّ فيكون العمل الواقع على طبقه كعدمه من حيث تأثيره في الواقع ، بمعنى كونه امتثالا عنه ، أو