شيء وتردّد بين كونه بدلا على الإطلاق أو في الجملة فلا أصل يقتضي شيئا منهما ، إذ من المعلوم أنّ تقريب دلالة الأمر الثاني على سقوط الأمر الأوّل لا بدّ أن يكون بدعوى دلالته على بدلية متعلّقه عن المبدل على الإطلاق وإلاّ لما دلّ على إسقاط الأمر الأوّل.
وهكذا الكلام في سائر الوجوه التي ذكرها ، فإنّه إذا كان بدليّة البدل مقيّدة ببقاء العذر أو الجهل إلى آخر الوقت مع فرض ارتفاعهما قبل مضيّه فلم يرتفع الأوّل حتّى يستصحب عدمه ، وإنّما يرتفع لو اكتفى الشارع في جعل البدل بدلا بتحقّق ذينك في بعض من الوقت وإن لم يستمرّا.
ثمّ إنّ ما يبنى عليه ـ من كون الصلاة مع الطهارة المستصحبة بدلا عن الصلاة مع الطهارة الواقعية كالصلاة مع التيمّم مع العجز عن الوضوء ـ فيه ما لا يخفى على المتأمّل ، فإنّ الأمر بالصلاة مع الطهارة المستصحبة ظاهريّ محض وليس شأنه التصرّف في الواقع ، فإن لم يصادف الواقع يكن (١) العمل به كعدمه.
فدعوى ـ أنّ ظاهر الأمر الثاني بقول مطلق شامل للأمر الظاهري سقوط الأمر الأوّل ـ ظاهرة الفساد.
نعم ، هو متّجه في الأوامر الثانوية الواقعية وهي أوامر أولي الأعذار.
وبالجملة : فيتّجه على قوله : ( وظاهر الأمر الثاني إسقاط الأمر الأوّل ) إلى قوله : ( فتصير المسألة فقهية لا أصولية ) ما ذكره صاحب الفصول ، فراجع.
مضافا إلى ما ذكره ـ دام ظلّه ـ من أنّ موضوع الاستصحاب إنّما هو عدم الأمر الأوّل ، وإحرازه لا يكون إلاّ بظاهر الأمر الثاني ، فلا يصلح هو لجعله وجها مستقلا.
مع أنّ في احتجاجه بأصالة العدم وعدم الدليل ما لا يخفى ، لعدم ثبوت
__________________
(١) في الأصل : فيكون ..