فمنهم (١) من قضى بعدم النقض في العبادات ، وأمّا في غيرها فلم يعلم مذهبه لجفاف قلمه الشريف عند اختتام كلامه ـ قدّس سرّه ـ في العبادات.
ومنهم (٢) من فصّل بين ما إذا كان الفتوى الأولى مقتضية للاستمرار والاستدامة ما لم يطرأ عليها مزيل بحكم وضعي ، وبين ما إذا لم تكن كذلك ، فحكم بعدم النقض في الأوّل ، وبالنقض في الثاني ، ومثّل للأوّل بالفتوى في العقود والإيقاعات ، وللثاني بالفتوى بنجاسة الماء القليل بالملاقاة وعدم نجاسة الكرّ وأمثال ذلك.
ومنهم (٣) من فصّل تفصيلا آخر فقال : ( إن كانت الواقعة ممّا يتعيّن في وقوعها أخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر بقاؤها على مقتضاها السابق ، فيترتّب عليها لوازمها بعد الرجوع ) ، وذكر هناك ما استدل به على عدم النقض في تلك الصورة.
ثمّ قال : ( ولو كانت الواقعة مما لا يتعيّن أخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر تغيّر الحكم بتغيّر الاجتهاد ).
ومراده من قوله : ( ممّا يتعيّن في وقوعها أخذها بمقتضى الفتوى ) ـ بقرينة تمثيله لذلك بالعبادات والعقود والإيقاعات ، وتمثيله للقسم الثاني ، وهو ما [ لا ] يتعين فيه الأخذ بمقتضى الفتوى بسائر الأمور المعاملية غير العقود والإيقاعات ، كطهارة شيء أو حليّة حيوان ـ هو أن يكون الواقعة ممّا لا يتحقّق موضوعها في الخارج إلاّ بأخذها بمقتضى الفتوى ، فإنّ وقوع شيء شرطا للعبادة أو جزء لها
__________________
(١) ( وهو الشيخ محمد تقي ـ قدّس سرّه ـ ) على ما جاء ( في هامش الأصل ، ). راجع الهداية : ٤٩٠.
(٢) ( وهو المحقّق القمّي ـ قدّس سرّه ـ ) على ما جاء في هامش الأصل ، راجع القوانين : ٢ ـ مبحث الاجتهاد والتقليد.
(٣) ( وهو صاحب الفصول ـ قدّس سرّه ـ ) على ما جاء في هامش الأصل ، راجع الفصول : ٤١٠ ، وعبارة المتن هي عبارة الفصول بأدنى تغيير.