ومنها : أنّه يؤدّي إلى ارتفاع الوثوق عن قول المجتهد من حيث إنّ الرّجوع في حقه محتمل ، وهو مناف للحكمة الداعية إلى تشريع حكم الاجتهاد ، ولا يعارض ذلك بصورة القطع لندرته.
ومنها : أصالة بقاء الآثار الواقعة ، إذ لا ريب في ثبوتها قبل الرجوع بالاجتهاد الأوّل ، ولا قطع على ارتفاعها بعده ، إذ لا دليل على كون الاجتهاد المتأخر رافعا لها.
وأمّا على النقض فيما لا يتعيّن في وقوعه أخذه بمقتضى الفتوى : فهي أنّ رجوع المجتهد فيه عن الفتوى السابقة رجوع عن حكم الموضوع ، وهو لا يثبت بالاجتهاد على الإطلاق ، بل ما دام باقيا على اجتهاده فإذا رجع ارتفع.
ثمّ قال : ( وأمّا الأفعال المتعلّقة بالموضوع المتفرّعة على الاجتهاد السابق فهي في الحقيقة إمّا من مشخّصات عنوان الموضوع كالملاقاة ، أو من المتفرّعات على حكم الموضوع كالتذكية والعقد فلا أثر لها في بقاء حكم الموضوع ).
ثم قال : ( وربما أمكن التمسّك في بقاء الحكم في هذه الصور (١) بلزوم الحرج وارتفاع الوثوق في العمل ).
ثم قال : ( إلاّ أنّ ذلك مع انتقاضه بصورة الجهل والنسيان والتعويل على الظواهر التي ينتقض حكمها عند ظهور الخلاف لا يصلح بمجرّده دليلا.
أمّا الأوّل فلأنّ الحرج المقتضي لسقوط التكليف قد يكون شخصيا ، فيدور سقوط التكليف به مدار ثبوته ، وقد يكون نوعيا ، وهذا وإن لم يكن سقوط التكليف به دائرا مدار ثبوته ، لكن يعتبر تحقّقه في النوع غالبا ، وإلاّ فما من تكليف إلاّ وقد يتحقّق الحرج على بعض تقاديره ، وانتفاء الغلبة في المقام معلوم.
وأمّا الثاني فوجه استحساني لا ينهض دليلا ، وإنّما تمسّكنا بذلك في المقام
__________________
(١) في الأصل : ( هذه الصورة ) ، والّذي أثبتناه مطابق للمصدر كما أنّه موافق للسياق.