أن المفروض فرديّة ذلك العمل الناقص للفعل المأمور به ومساواته لسائر الأفراد بملاحظة حال الجهل لا مطلقا ، فحينئذ لو فرض ورود الأمر به لا بدّ أن يكون موضوعه متقيّدا بالجهل ، بأن يقال : أيّها الجاهل بالنجاسة أو بكون الجلد من الميتة صلّ مع النجاسة أو مع جلد الميتة ، ومن المعلوم أنّه بمجرّد ذلك الخطاب يصير عالما فيخرج عن موضوع الخطاب فيكون عبثا.
وهذا هو الوجه فيما حقّقنا في محلّه من عدم إمكان الأمر بالناقص في صورة نسيان المكلّف لبعض الأجزاء والشرائط ، ولو أخذ موضوع الخطاب مطلقا فهو ليس خطاب هذا الشخص ، فلزوم العبث مانع من الأمر مع قيام المقتضي له.
هذا لو أريد وروده بخطاب مستقلّ بالنسبة إلى الجاهل.
وأمّا لو أريد دخوله في الأمر المطلق المتعلّق بسائر الأفراد ـ أيضا ـ فيلزم منه استعمال الطلب في المعنيين التعييني والتخييري :
أمّا التعييني فهو بالنسبة إلى غير الجاهل لفرض إرادته منه وأنّ المتعين في حقّه إنّما هو العمل الكامل.
وأمّا التخييري فهو بالنسبة إلى الجاهل ، حيث إنّه مخيّر حينئذ بين العمل الناقص والتامّ ، إذ المفروض عدم تعيّن الناقص في حقّه ، بل غاية الأمر مساواته له.
وأيضا ذلك الخطاب مطلق وهو مع إطلاقه ليس خطابا للجاهل ومع تقيده بالجهل ليس خطابا للعالم ، فلا يمكن دخول كليهما فيه ، بل لا بدّ من إطلاقه حتّى يكون مختصّا بالعالم ، أو من تقييده حتّى يكون مختصّا بالجاهل.
وبالجملة : الأمر بشيء حال الجهل به إنّما يصحّ ويجوز فيما لم يكن الجهل مأخوذا في موضوعه كما في جميع الخطابات الواقعية ، وأمّا معه فلا.
لا يقال : إنّ الأوامر الظاهرية كلّها من هذا القبيل ، فإنّ المأخوذ في