الصلاة مع الطهارة واقعا ، وخارجة عنها بعنوان كونها مأمورا بها ، فيكون ورود دليل الإجزاء حينئذ على طبق القاعدة ، إذ الإجزاء لا يدور مدار الإتيان بالمأمور به ، بل يحصل بتحصيل الغرض مطلقا ، كما مرّ التنبيه عليه في مطاوي كلماتنا المتقدّمة.
هذه جملة الوجوه المتصوّرة في المقام.
لكن لا يخفى : أنّه لا يمكن المصير إلى ثانيها ، لقيام الضرورة على ثبوت تكليف في حقّ الجاهل في تلك الحال ، وليس حينئذ كالبهائم لم يطلب منه شيء أصلا.
وأمّا البواقي فكلّ منها ممكن ويجوز حمل الخطاب عليه لو انحصر وجه الجميع فيه ، ولا يبادر معه إلى طرح دليل الإجزاء جدّاً.
وأمّا مع عدم انحصار وجه الجمع في واحد ـ وفرض اجتماع الجمع ، معنى إمكان حمل المورد على أي منها ـ فالأوّل أظهر من غير الأخير ، لبعد أن يحدث قيام الأمارة أو الأصل مصلحة في نفس العمل وإن كان ممكنا.
وهل هو أظهر من الأخير ـ أيضا ـ ، أو الأظهر الأخير أو أنّهما متساويان؟
أظهر الاحتمالات أوسطها لسلامته عن جميع الأمور المخالفة للأصل بخلاف الأوّل.
نعم قد يشكل إمكان الوجه الأخير في حدّ نفسه ، نظرا إلى أنّه إذا فرض كون العمل الناقص من أفراد الفعل المأمور به ـ وصدقه عليه كصدقه على سائر أفراده وكونه مشتملا على المصلحة الحاصلة بغيره من الأفراد ـ فلا بدّ أن يكون مشمولا للأمر كسائر الأفراد إذا لم يكن هناك مانع من شموله له ، ولا يعرف مانع في محلّ الفرض ، فيبطل الوجه المذكور.
ويمكن دفعه بإبداء المانع منه في المقام ، وتوضيحه :