الأمرين من ذات ذلك الشيء أو إحرازه بأحد من الأصول العملية أو الأمارات ـ لا ذاته مطلقا ـ فالعمل الناقص الصادر منه حال الجهل مع قيام الأصول والأمارات من أفراد المأمور به واقعا وامتثال عنه كذلك والأصول والأمارات على هذا التقدير محتاج إليها ، لأنّها حينئذ جاعلة ومحصّلة للشرط أو الجزء.
ورابعها : أن يتصرّف في ذلك الدليل بحمله على أنّ الشرط أو الجزء ـ مثلا ـ إنّما هو ثبوت ذلك الشرط عند المكلّف بالعلم أو بالأمارات أو بالأصول ، لا نفسه ولا ذاته ، والأصول والأمارات حينئذ ـ أيضا ـ محتاج إليها حال الجهل وعدم العلم به ، كما لا يخفى.
لكنّ الأصل والأمارة القائمين عليه حينئذ يخرجان عن كونهما أصلا وأمارة حقيقة ، ويكون إطلاقهما عليهما باعتبار وجود مناط التسمية فيهما في غير هذا لمورد ، إذ الأصل العملي عبارة عن الحكم المجعول للشيء بعنوان كونه مجهول الحكم ، ومن المعلوم أنّه لا حكم لذات ذلك الشيء بالفرض حتّى يكون مجهولا ، بل المفروض إحراز عدم حكم لذاته.
وأمّا الأمارة فهي عبارة عن الطريق القائم على موضوع قد اعتبره الشارع طريقا إليه ، ومعنى جعله طريقا إليه أمره بترتيب أحكام متعلّقه عليه ، ومن المعلوم أنّه لا حكم لمتعلّقه في مورد الفرض.
وخامسها : أن لا يتصرّف في شيء من دليل شرطية ذلك الشيء أو جزئيته أو خطاب المشروط ، والكلّ بمعنى إبقاء كلّ منهما على إطلاقه بالنسبة إلى حال الجهل ، ويلتزم بخروج المأتيّ به من العمل الفاقد للجزء أو الشرط عن المأمور به ، بمعنى عدم شمول الأمر له واقعا وبدخوله فيه موضوعا وكونه من أفراده وقائما بالغرض المقصود منه الداعي إلى الأمر على نحو قيام سائر الأفراد به ، فيقال : إنّ الصلاة مع الجهل بالطهارة من الخبث ـ مثلا ـ فرد من أفراد الصلاة ، قائمة بالمصلحة المقصودة منها الداعية إلى الأمر بها على نحو قيام