المستقلّ بلزوم دفع الضرر المحتمل.
وأمّا أصالة الإباحة : فالمراد بها الإباحة الواقعيّة الشرعية ـ كما يظهر من بعض أدلّة النافين ـ فإنّ محلّ النزاع ثمّة في الأشياء المشتملة على المنفعة الخالية عن المفسدة ، فيبحث عن أنّ العقل هل يحكم بالإباحة من قبل الشارع واقعا ويدركه ، أو لا؟ فإدراك العقل واقعي وكذا مدركه.
ومن وجوه النافين وجود الحكم الشرعي على خلاف الإباحة في بعض أفراد محلّ النزاع ، فمعه لا يستقلّ العقل بذلك الحكم.
هذا ، ويمكن الذبّ عن الإشكال الأوّل ـ المتوجّه إلى تقسيم حكم العقل إلى الغير المستقلّ ـ : بأنّ الظاهر أنه
ليس المراد تقسيم حكم العقل نفسه ـ أي مدركه بالفتح ـ كما هو الظاهر من لفظ الحكم ، بل المراد تقسيم استنباط العقل للحكم ، وأنه تسامح في العبارة ، إذ لا ريب أنّ طريق الاستنباط في حكم العقل قد يكون بتمامه ـ صغرى وكبرى ـ عقليا ، وقد يكون ملفّقا منه ومن الشرعي بحيث لو لا ثبوت الصغرى أو الكبرى من الشرعي لم يكن العقل مدركا لما يدركه مع فرض الثبوت.
أو يقال : إنّ المراد تقسيم الحكم نفسه ، لكن باعتبار الاستنباط ، وهذا هو الأجود الّذي ينبغي أن يحمل عليه كلماتهم.
وعن الإشكال الثاني ـ المتوجّه إلى تقسيم بعضهم إيّاه إلى الظاهري ـ : بأن المراد تقسيم حكم العقل باعتبار ما ينتقل منه إليه من الحكم الشرعي. فافهم.
الثاني (١) : ينبغي التعرّض لمفردات كلامهم الواقع محلا للخلاف في المقام ـ وهو قولهم : مقدمة الواجب واجبة أو لا؟ ـ كي يرتفع الإجمال ، ويتّضح الحال في مقالهم من جهة معرفة محلّ الخلاف ، فنقول :
__________________
(١) أي ( الأمر الثاني ) على ما في هامش المخطوطة.