نظرهم في الجزء الأوّل إلى إخراج الشرط وفي الثاني إلى إخراج المانع فقط لكن لا يخفى عدم الحاجة إلى القيد الثاني في إخراج شيء من المقدّمات الغير السببية من الشرط وغيره ، بل يكفي في إخراجها الجزء الأوّل من الحدّ.
أما الشرط : فواضح وان كان واقعا جزءا أخيرا للعلّة التامة ، لأنّ كلمة ( من ) في الحدّ للنشوء ، ومقتضاها حينئذ كون السبب ما يكون منشأ لحصول المسبّب ، بحيث يستند الأمر ـ الّذي هو حصول المسبّب ـ إليه ، والشرط في الفرض المذكور ليس كذلك ، فإنّ التأثير ليس مستندا إليه وان كان تحقّقه في الخارج متوقّفا عليه ، بل إنّما هو مستند إلى المجموع منه ومن المقتضي أو خصوص المقتضي ، كما هو الحقّ ، وستأتي البيّنة عليه.
وأما المانع : فإن جعل نفسه من المقدّمات تسامحا ـ كما فعله بعضهم ـ فواضح خروجه ، إذ لا يلزم من وجوده الوجود ، بل يلزم العدم ، وان جعل عدمه منها نظرا إلى الواقع فكذلك ، إذ لا يلزم من وجوده الوجود وإن كان متوقّفا عليه ، ولو فرض كونه جزءا أخيرا للعلة التامة بتقريب ما مرّ في الشرط.
وكيف كان ، فظاهر التعريف أنّ السبب مرادف للعلّة التامّة ، كما هو كذلك عند أهل المعقول ، لكن الظاهر ـ بل المقطوع به ـ مخالفته لها عند أهل المنقول ، كما يظهر من تقسيمهم السبب إلى المجامع للمانع والخالي عنه ـ ولذا زاد بعضهم في حدّه قيد ( لذاته ) لإدخال القسم الأوّل وهو المجامع للمانع ـ ومن احتجاج السيّد (١) ـ قدّس سرّه ـ الآتي على وجوب السبب بأنّه مع وجود السبب لا بدّ من وجود المسبّب إلاّ أن يمنع مانع ، فلو كان المراد بالسبب العلّة التامّة لناقض الأشياء المذكورة ما قبلها.
وأيضا من أقوال المسألة القول بوجوب المقدّمة مطلقا ، والقول بوجوب
__________________
(١) لاحظ الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٨٥.