فإنّهم عرّفوه في مواضع :
منها : مبحث الحكم الوضعي من مباحث المبادئ الأحكامية ، حيث إنّهم عرّفوه بما ذكر ، وجعلوا منه أسباب الأحكام الشرعية ، كالوقت لوجوب الواجب الموقّت به ، وكالنذور ، والعهود ، والأيمان لوجوب ما التزم به وغير ذلك.
ومنها : مبحث تداخل الأسباب فإنهم أيضا أطلقوه على أسباب الحكم الشرعي.
ومنها : ما نحن فيه كما عرفت.
ولا ريب أنّ أسباب الحكم في الموضعين الأوّلين كأسباب الموضوع كما في المقام ليس شيء منها علّة تامّة للحكم الشرعي ، بل يتوقّف على فقد المانع لا محالة كتوقّف وجوب الصلاة في الوقت مثلا على عدم الإغماء أو الجنون أو المرض البالغ حدّ العجز ـ مثلا ـ وهكذا في غيره من أمثلة الأحكام الشرعية المعلّقة على الأسباب.
وبالجملة : معنى السبب في جميع تلك المواضع واحد جدّاً فإنّ معناه المفهوم الأعمّ الشامل لكلّ من سببي الحكم والموضوع ، والتعريف المتقدّم لا يختصّ بأحدهما وان كان قد اختصّ سبب الحكم بتعريف آخر ، فعرّفوه بالوصف الظاهر المنضبط الّذي دلّ الدليل على كونه سببا للحكم ومقتضيا له أو معرّفا على اختلاف التعبيرين ، نظرا إلى الخلاف في أنّ أسباب الشرع مقتضيات أو معرّفات.
نعم ، الفرق بين السبب المتنازع فيه في المقام وبينه في المبادئ الأحكامية ومسألة تداخل الأسباب كما أومي إليه من وجهين :
أحدهما ـ أنّ المراد به في المقام إنّما هو سبب الموضوعات المتعلّق بها الحكم