الواجب بالنسبة إلى السبب : بأنّه محال أن يوجب علينا المسبّب بشرط اتفاق وجود السبب ، إذ مع وجود السبب لا بدّ من وجود المسبّب ، إلاّ أن يمنع مانع (١).
إلى آخر ما ذكره ـ قدّس سرّه ـ فإنّه لو كان مراده ـ قدّس سرّه ـ من السبب المقتضي وحده لما تمّ ما ادعاه من المحال أصلا ، لجواز فقد [ بعض ] من الشروط ، بل وقوعه كثيرا غاية الكثرة.
لكن غاية ما يستفاد من ذلك اعتبار الشرط ، أمّا اعتباره على نحو الجزئيّة وإطلاق لفظه على المجموع فلا ، لإمكان اعتباره على نحو التقيّد فيكون المراد به على هذا التقدير المقتضى وحده إلاّ أنه مقيد بكونه مجامعا للشرط.
والظاهر أنّ مراده (قدس سره) بالمانع أيضا هو المانع الخارق للعادة ، لا مطلق الموانع كما فهم بعض المحقّقين من المتأخّرين (٢) أيضا ، إذ لو كان المراد هو الثاني لاستهجن أخذ المدعي الامتناع والاحتجاج عليه بما يتخلّف كثيرا عن المسبّب ، لأنّ الموانع المتعارفة كثيرة لا تحصى ، فلا بدّ من حمل الامتناع في كلامه على العادي ، وحمل المانع على الخارق للعادة ، ليتّجه الاستدلال ، فيكون المراد بقوله : ( لا بدّ من وجود المسبّب ) أنّه لا بدّ من وجوده عادة.
ومن هنا يظهر أنه ـ قدس سره ـ أراد بالسبب ما اعتبر فيه عدم الموانع العادية أيضا.
لكن ما قدّمنا من تقسيمهم السبب إلى المجامع للشرط والمفارق له ، وإلى المجامع للمانع والخالي عنه يكفي في نفي اعتبار الشرط وعدم المانع في السبب مطلقا عندهم وإن علم اعتبارهما في كلام السيد ، لكنّه بملاحظة ذلك محمول على التجوّز أو التقييد في معنى السبب ، فيلزمه المجاز أيضا على بعض الوجوه.
__________________
(١) لاحظ المصدر السابق.
(٢) وهو صاحب هداية المسترشدين : ٢٠٠.