وكيف كان ، فالظاهر أنّ النسبة بين الأمرين هي العموم من وجه كما في السبب ، فتدبّر. ومحلّ النزاع في المقام إنّما هو شرط الموضوع.
وأمّا المانع : فهو من المنع ، وهو في اللغة ـ كما في القاموس ـ ضدّ الإعطاء ، فالمانع ضدّ المعطي.
وفي اصطلاح أهل العلم (١) : ما يلزم من وجوده العدم ، ولا أثر لعدمه في الوجود ، وإن كان مما يتوقّف عليه الوجود.
وكيف كان ، فهو ينقسم : إلى مانع السبب ، ومانع الحكم ، والأوّل إلى مانع سبب الموضوع ، ومانع سبب الحكم :
وعرّفوا مانع الحكم : بما اشتمل على حكمة تقتضي نقيض الحكم مع بقاء السبب وحكمته ، وذلك كالأبوّة المانعة من القصاص لاشتمالها على كون الوالد سببا لوجود الولد ، وذلك يقتضي نفي القصاص ، لئلا يصير الولد سببا لعدمه مع ثبوت القتل الّذي هو السبب في القصاص ، وبقاء حكمته التي هي الحياة المشار إليها في قوله عز من قائل : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ )(٢).
وقد يعرّف أيضا بأنه الوصف الوجوديّ الظاهر المنضبط الّذي يخلّ وجوده بحكم السبب مع وجوده وبقاء حكمته.
وعرّفوا القسم الثاني من مانع السبب ـ وهو مانع سبب الحكم ـ : بأنه ما يشتمل على حكمة تخلّ بحكمة السبب حتى تفضي إلى زوال السبب ، وذلك كالدّين المانع من وجوب الخمس في المكاسب لاقتضائه زوال السبب في وجوبه ، وهو وجود الفضل ـ أعني ما يزيد على المئونة ـ وزوال حكمته التي هي مواساة أهل البيت عليهم السلام بما لا يعود على المالك بالمفسدة ، لوقوعه في
__________________
(١) بل في العرف العامّ أيضا ، بل لا يبعد كونه كذلك لغة أيضا. لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) البقرة : ١٧٩.