الثالث (١) ـ قد ذكرنا أنّ الواجب حقيقة في المشروط أيضا بمعنى أنّه للأعمّ منه والمطلق (٢) ، لا للأخير فقط ، فاعلم أنّ صيغة الأمر أيضا بحسب الوضع حقيقة في ذلك القدر المشترك ، وهو مطلق الطلب ، وكذا ما يفيد معناها من الموادّ كمادّة الوجوب والأمر.
لكن الأمر عند الإطلاق ظاهر في الوجوب المطلق ، ولم يظهر في ذلك مخالف عدا السيّد (٣) ـ قدّس سرّه ـ على ما يظهر من كلامه ـ في بادئ الرّأي ـ من تعليله عدم الحكم بوجوب الشرط لورود الأمر في الشريعة على ضربين ، ولم يعلم كون الأمر الوارد المجرّد عن القرينة أنّه أيّهما بالنسبة إلى الشرط ، فيجب التوقّف لاحتمال كونه مشروطا بالنسبة إليه. هذا حاصل استدلاله.
وجه دلالته على ما قلنا : أنه لو كان قائلا بظهور الأمر في الإطلاق لما بقي لما ذكره وجه ، بل كان عليه أن يبني ويحكم على الإطلاق عند الشكّ ـ فيما إذا كان الوجوب بأمر لفظي ـ آخذا بأصالة الإطلاق كما فعل المشهور.
لكنّ الإنصاف : ما فهمه بعض المحقّقين من المتأخّرين (٤) من عبارته ـ قدّس سرّه ـ من أنّ مراده ـ قدّس سرّه ـ إنّما هو التوقّف في وجوب الشرط فيما إذا ثبت شرطيّته وتقيّد الأمر به في الجملة وشكّ في أنّه قيد وشرط للوجوب أو لذات الواجب وشرط لصحّته ، لا فيما إذا كان أصل الاشتراط مشكوكا حتى يخالف المشهور ، فحينئذ يوافق المشهور من جهة الحكم بالإطلاق في تلك الصورة سواء كان الشكّ في كون الشيء شرطا للوجوب أو
__________________
(١) أي الأمر الثالث.
(٢) الأصح : منه ومن المطلق ..
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة ـ انتشارات دانشگاه تهران ـ : ٨٣ ـ ٨٤.
(٤) وهو المحقّق التقي (ره) في هداية المسترشدين : ١٩٦.