وحاصل هذا الوجه إنكار الواجب المشروط ، فينحصر الأمر المقيّد بحسب اللبّ والواقع في قسم واحد ، فيبقى القسمان.
هذا عمدة ما قيل أو يقال في دفع التوجيه المتقدّم.
لكن الإنصاف اندفاع تلك الوجوه الثلاثة :
أمّا الأوّل فبأنّه إن كان المراد ـ من عدم وجدان الحالة الكامنة في النّفس في الأمر المقيّد على قسمين ـ دعوى امتناع تصوّرهما فيها في الأمر المقيّد فنحن ندّعي خلافه (١).
الثالث (٢) : قد مرّ أنّ المقدّمات الوجوبية للواجب خارجة عن محلّ النزاع ، لكن يشكل الأمر بناء على ما ذكره جمع من وجوب إبقاء القدرة على المأمور به إلى وقت وجوب الإتيان به ، بل الحكم به في الجملة متّفق عليه بين الأصحاب ، ولا ريب أنّ القدرة على الفعل المأمور به من شرائط الوجوب ، فينافي هذا ما مرّ من عدم الخلاف في عدم وجوب تحصيل المقدّمات الوجوبية ، فيشكل التوفيق بين هذين.
لكن الإنصاف إمكان دفعه : بأنّه إن كان المراد وجوب إبقاء القدرة وعدم جواز سلبها (٣) عن النّفس مطلقا حتى قبل حصول الشرائط الوجوبية الشرعية التي هي المحقّقة لعنوان الأمر كما مرّت الإشارة إليه فممنوع.
وإن كان المراد وجوبه في الجملة وهو ـ فيما إذا حصلت الشروط الوجوبيّة الشرعية مع عدم مجيء وقت الفعل ـ مسلّم لكنّه ليس لأجل وجوب
__________________
(١) لا يخفى النقص في المطلب ، فإنّه قد بقي بيان اندفاع الوجهين الآخرين ، وقد كتب في هامش المخطوطة هكذا : ( سلب منه ورق ) ، والظاهر أنّ الورق الناقص كان مشتملا على بقية الأجوبة.
(٢) أي ( التنبيه الثالث ) من التنبيهات.
(٣) في الأصل : جواز سلبه ..