وأمّا الثاني : فلأنّه على تقدير تسليم الصغرى نمنع استناد الظهور إلى مجرد الكمال بهذا المعنى بأن يكون هو نفسه منشأ له ، بل هو حينئذ مستند إلى انحصار الفرد في الوجوب ، بل هذا التزام بأنّ حقيقة اللفظ ليس إلاّ الوجوب وانه عين مفهوم اللفظ ، فلا معنى لجعل اللفظ مفيدا بنفسه للقدر المشترك إذ بعد فرض أنّ أحد الأمين ناقص فهو خارج عن فرديّته لذلك ، فحينئذ فلا اشتراك في المفهوم ، بل هو عين الفرد الآخر.
وإن كان المراد به الكمال الإضافي ، بمعنى الأكملية في نوع الطلب وحقيقته ، كما هو الظاهر ، فيكون المراد أنّ الوجوب أكمل من الندب من حيث تحقّق القدر المشترك في ضمنه ، ويكون حاله حال الأعراض القويّة.
ففيه منع الكبرى : فإنّ الكمال بهذا المعنى لا يوجب بنفسه الانصراف جدّاً ، وانصراف أسماء الأعراض إلى قويّها ممنوع.
نعم لو بلغ الكمال إلى حدّ بحيث يصير غير الكامل في جنبه بمنزلة المعدوم ـ بحيث كأنّ الكلّي منحصر فيه ـ فلا يضايق حينئذ الانصراف ، لكن ليس هذا الانصراف ناشئا عن هذا الكمال ابتداء وبلا واسطة ، بل إنّما هو ناشئ عن مقهورية هذا للفرد الكامل (١) في الأنظار بسبب الكمال.
ولو كان مراد القائل هذا فيتوجّه عليه منع الصغرى في المقام ، فإنّ كون الوجوب بهذه المثابة من الكمال ممنوع ، هذا.
وربّما يتوهّم : إلزام القائل المذكور بمقتضى ما اعترف به : من كون الوجوب أكمل وأشدّ من الندب كما في سائر الأعراض ، على أنّ مقتضى ذلك حمل اللفظ على الندب وانصرافه إليه ، لأنّه بعد فرض أنّهما فردان من الطلب ، مع اشتمال أحدهما [ على ] مزيّة (٢) زائدة ، فالأصل عدم اعتبار تلك المزيّة ، والأصل
__________________
(١) في الأصل : هذا الفرد الكامل ...
(٢) في الأصل : لمزية ..