مقدّمة لامتثال واجب آخر ، فعلى هذا لا يحتاج لزوم إيجاده إلى خطاب من الشرع لكونه معنونا بعنوان المقدّمة الّذي يحرّك معه العقل إلى إيجاده ، ولو فرض ورود خطاب به من الشارع فهو لا يكون إلاّ إرشاديا أو بيانا لكون الشيء مقدّمة ، كما في المقدّمات الشرعية التي لا سبيل للعقل إلى توقّف الواجبات عليها مثل : قوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا )(١) الآية ، وأمثاله.
والواجب النفسيّ بخلافه ، فعلى هذا ينطبق (٢) الحدّ على مقدّمات الواجبات كلها ، ولا يشمل غيرها أصلا ، ولا بدّ أن يكون كذلك ، فإنّ الظاهر بل المقطوع به أنّ مرادهم بالواجب الغيري ـ اصطلاحا ـ ذلك لا غير ، وان كان يصحّ إطلاقه أيضا على ما كان الغرض من وجوبه التوصّل إلى مصلحة حاصلة في غيره لغة ، لكنه خارج عن محلّ الكلام.
وبالجملة : فخرج بقولنا : ( لأجل واجب آخر ) ما كان الداعي إلى وجوبه حصول غاية وغرض من الأغراض ولو كان ذلك الغرض والغاية هو التأهّل لتكليف آخر ، كما قيل في وجوب الغسل على الجنب والحائض والنفساء في ليلة رمضان فرارا عن لزوم تقدّم وجوب المقدّمة على وجوب ذيها ، كما عرفت سابقا مع ما فيه.
ومن عرّف الواجب الغيري : بأنّه ما يكون وجوبه لأجل الغير يرد عليه النقض بجميع الواجبات النفسيّة ، لأنّها إنّما وجبت لأجل الغير ، وهو غايتها المترتّبة عليها كالتقرّب ونحوه.
ثمّ إنّ لازم الواجب الغيري سقوط الوجوب عنه إذا وجد في الخارج بأيّ وجه اتفق ، إلاّ أنّه إذا كان عبادة ليس هو بذاته مقدّمة ، بل المقدّمة هو متقيّدا
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) في الأصل : فينطبق ..