إنّما هو من القسم الأوّل ، فإنّ الشكّ في المقام : أنّ المادّة ـ من جهة كونها غرضا ـ هل هي مقيّدة في نظر الآمر بكونها في ضمن الأفراد المباحة ، أو مطلقة؟ ولا ريب أنّ هذا التقييد مما يلاحظه الآمر قبل الأمر ، فلا مانع من التمسّك بإطلاقها من هذه الجهة ، وأمّا المانع من جهة عدم تعلّق الأمر بها بالنسبة إلى الفرد المحرّم فقد عرفت الكلام فيه ، فافهم.
ثمّ إنّه قد يفرّق بين الواجب التوصّلي وبين التعبّدي بكون الأوّل بحيث يسقط بفعل الغير وبالفعل الغير الاختياري الصادر من المأمور ، بخلاف التعبّدي ، فإنّه بحيث لا يسقط إلاّ بفعل المأمور نفسه مع صدوره منه عن اختياره وشعوره به.
لكن لا يخفى على المتفطّن فساد ذلك الفرق بإطلاقه ، فإنّ ما ذكر بالنسبة إلى التعبّدي وإن كان صحيحا على وجه الإطلاق ، لكن بالنسبة إلى التوصّلي لا يصحّ كذلك ، فإنّه إنّما يتمّ بالنسبة إلى التوصّليات التي يكون غرض الشارع حصولها في الخارج من غير مدخلية لمباشرة المأمور أو لاختياره ، وإنّما يكون أمره للمكلّف (١) من جهة أنّ غرضه يتوقّف على سبب موجد له ، وهو من الأسباب الموجدة له ، بحيث يكون هو وغيره من جهة السببية سواء.
وأمّا بالنسبة إلى التوصّليات التي لمباشرة المأمور أو لاختياره دخل في تحقّق الغرض منها فلا ، ولا يمكن القول بانحصار التوصّلي في الخارج في القسم الأوّل ، فإن المضاجعة مع الزوجة ووطأها من الواجبات التوصّلية بلا شبهة مع أنهما لا يسقطان بفعل الغير ، ونظير ذلك في الواجبات التوصّلية فوق حد الإحصاء.
ثمّ إنّه هل يمكن التمسّك هنا أيضا في مقام الشكّ بإطلاق المادّة على
__________________
(١) في الأصل : بالمكلّف ..