لا إشكال في صدق المادّة على هذه الأفعال الغير الاختيارية في جميع تلك المراتب ، لكن الظاهر انصرافها في ضمن هيئات الأفعال إلى غير الصادر منها في المرتبة الأولى ، فإنّه يصدق فيها أنّه لم يضرب ، وإنّما ضرب الّذي أخذ يده (١) وضرب بها آخر ، فحينئذ إذا كان مأمورا بضرب ذلك المضروب لم يكن ذلك مسقطا للأمر عنه ، فإنّ ظاهر ( اضرب ) ـ مثلا ـ هو طلب الضرب منه على وجه المباشرة ، فيكون الحكم في تلك المرتبة كما في فعل الغير.
وبالجملة : المادّة في ضمن هيئة الأمر منصرفة إلى ما ينصرف إليه في ضمن هيئتي الماضي والمضارع ، فيكون المطلوب والمقصود هو هذا المعنى المنصرفة إليه المادّة ، فلا بدّ في سقوط الغرض من إحراز صدق انتساب المادّة إلى هذا الشخص المأمور بصيغة الماضي ـ مثلا ـ ، بأن يصدق على الفعل الصادر منه أنه فعله حتى يكون آتيا بالغرض من امر ( افعل ) ، ولا ريب أنّه لا يصدق في الصورة المذكورة أنّه ضرب فلانا ، وإنّما يصدق ذلك بالنسبة إلى الآخذ بيده الضارب بها ذلك الشخص الثالث.
وبعبارة أخرى : إنّ ظاهر الأمر طلب الفعل من المأمور نفسه على وجه يكون هو الموقع إيّاه والموجد له ، فيكون الغرض بظاهر الأمر هو الفعل الصادر من نفسه على وجه يصدق عليه أنه أوقعه وأوجده ، وهذا المعنى لا يصدق في الصورة المذكورة على فعل النائم المذكور.
هذا في المرتبة الأولى.
وأمّا في سائر المراتب فلا يبعد دعوى هذا الانصراف في غير الأخيرتين منها ، وأما فيهما فلا يبعد دعوى صدق الانتساب على الوجه المذكور ، فيمكن التمسّك بإطلاق المادّة فيهما على إطلاق الغرض بالنسبة إليهما لصلاحية تقيّدها
__________________
(١) في الأصل : أخذ من يده ..