إنّ الشكّ في اعتبار قصد الامتثال حقيقة راجع إلى الشكّ في كيفية الإطاعة ، ولا دخل له بالشكّ في المكلّف به ، فإذا ثبت التكليف بفعل ، فشكّ في كيفية إطاعته من جهة قصد الامتثال وعدمه ، فهذا الشكّ لا يوجب إجمال المكلّف به ، لأنّه ليس من القيود المعتبرة فيه كما في الشرائط والأجزاء للمأمور به ، بل خارج عنه ، فحينئذ يكون المأمور به مبيّنا ، والشكّ فيما يتحقّق به ، وحينئذ يحكم العقل بتحصيل القطع بالخروج عن عهدة التكليف به ، وهو لا يحصل إلاّ بقصد الامتثال ، فيحكم العقل بوجوبه لذلك.
ويمكن أن يقرّر بوجه آخر ، ولعله أحسن : وهو أنّه إذا ثبت التكليف بشيء فالعقل يحكم بلزوم الإتيان به على وجه يطابق غرض الآمر ، فإذا تردّد الغرض بين أمرين : ذات الفعل كيف كان ، أو التعبّد به ، فالعقل يحكم بلزوم الإتيان بالفعل على وجه يحصل القطع بتحصيل الغرض ، وهو لا يكون إلاّ بالإتيان به بقصد الامتثال.
وهذا التقرير ناظر إلى جعل الغرض دائرا بين المتباينين ، فلذا يجب الاحتياط بكلا الأمرين اللذين هما طرفا الشبهة له.
هذا ، ولكن لا يخفى [ ما ] فيه من الضعف ، وسيظهر ضعفه من الوجه الثاني ، فانتظر.
واما الوجه الثاني : فيقرّر على وجهين :
أحدهما : أنّ الشكّ فيما نحن فيه أيضا من الشكّ في اعتبار شيء في المكلّف به شطرا أو شرطا ، فيكون الحال في المقام هي الحال في صورة الشكّ في شرطية شيء أو جزئيته للمأمور به ، فعلى القول بالبراءة هناك ـ كما هو المختار ـ نقول بها هنا أيضا.
توضيح رجوع الشكّ هنا إلى الشكّ في اعتبار شيء في المكلّف به : أنّ المكلّف به قد يكون بحيث يمكن إرادته بأمر واحد بجميع ما يعتبر فيه من