إليه عند الإطلاق بأحد أسباب انصراف المطلق إلى بعض أفراده كما مرّ في الصيغة.
ولا يهمّنا التفتيش عن أنّ هذا الظهور هل من نفس اللفظ حينئذ بأن تكون القرينة العامّة قائمة على استعمال الجمل في خصوص الوجوب ، أو أنّه من جهة انصراف الطلب المطلق إليه بأحد أسباب الانصراف مع استعمالها في الطلب المطلق ، فإنّ الغرض من تشخيص الظهور حمل اللفظ عند الإطلاق على المعنى الظاهر ، ولا فرق فيه بين أن يكون الظهور ناشئا من نفس اللفظ ، أو من إطلاق المعنى وانصرافه إلى الفرد الظاهر ، فإنّ كلاّ منهما يوجب حمل اللفظ ـ عند الإطلاق وعدم القرينة على إرادة المعنى المخالف للظاهر ـ على ذلك المعنى الظاهر ، فلذا لم نفتّش كملا في الأصل ـ أعني صيغة الأمر ـ عن أنّ ظهورها في الوجوب هل من نفس اللفظ ، أو من جهة الانصراف؟
ولو طالبنا الخصم بتعيين : أنّ تلك القرينة ما ذا؟ قلنا : ليس علينا تعيينها ، فإنّ تبادر الوجوب من الجمل حينئذ مطلقا ـ من غير اختصاص له ببعض الأمثلة دون بعض ، وببعض الموارد دون آخر ـ يكشف عن وجود تلك القرينة العامّة قطعا ويلزمه البتّة ، فمن عدم اقتدارنا على أنّها ما ذا لا يلزم عدمها (١) ، ولا ينبغي الارتياب في تحقّقها بعد إحراز الملزوم ، وهو تبادر الوجوب عرفا عند الإطلاق والتجرّد عن القرينة الخاصّة مطلقا ، ونحن قد أحرزناه على سبيل القطع.
ولو قيل : إنّه لا بدّ لمن يدّعي ظهور الجمل حينئذ في الوجوب من إحراز أمرين البتّة : أحدهما ما استعمل في الوجوب ، وثانيهما إحراز قرينة عامّة لازمة
__________________
(١) أي لا يلزم من عدم اقتدارنا على تعيينها انتفاؤها.