من الله تعالى بشيء لغرض وغاية من الغايات إلاّ لغاية العبادة ، فحينئذ يكون النّظر في الكلام بقرينة حذف المفعول به إلى جهة الصدور لا الوقوع ، ويكون الغرض انحصار صدور الأمر منه تعالى إليهم فيما يكون الغاية منه العبادة من غير نظر إلى المفعول به حتى يرد ما ذكر ، فحينئذ فمقتضى اشتراكنا معهم (١) في هذا الحكم عدم توجّه أمر من الله تعالى إلينا إلاّ لغرض العبادة ، فيتمّ المطلوب.
وبالجملة : قوله تعالى ـ : ( وَما أُمِرُوا ) بملاحظة حذف المفعول به ـ وهو المأمور به ـ من قبيل قول القائل : ( زيد يعطي أو يمنع ) بحذف المفعول به فيهما من جهة كون النّظر فيه كما في المثال إلى جهة الصدور هذا.
أقول : الإنصاف اندفاعه أيضا بناء على كون المفعول به أيضا مذكورا بجعله إيّاه مدخول اللام ، فإنّ معنى الآية على هذا انحصار المأمور به في شريعتهم في العبادة ، ومقتضى اشتراكنا معهم (٢) انحصاره في شريعتنا أيضا فيها ، فيتمّ المطلوب.
وكيف كان ـ وبعد الإغماض عن وجوه الإيراد على الاستدلال المتقدّمة وتسليم دلالتها على اعتبار قصد القربة في المأمور به في شريعتهم ـ لا وجه لذلك الإيراد. هذا.
ومنها : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(٣).
وجه الدلالة : أنه تدلّ على وجوب إطاعة الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهي لا تكون إلاّ بالإتيان بما أمر به بقصد القربة ، فيكون المراد وجوب الإتيان بما أمر
__________________
(١) في الأصل : اشتراكنا لهم ..
(٢) في الأصل : اشتراكنا لهم ..
(٣) النساء : ٥٩.