إلى المطلق والمشروط أعمّ كما لا يخفى على المتأمّل ، وقد أشرنا إليه سابقا أيضا ، إلاّ أنّ وجوب المقدّمة يختلف ، فإذا كانت من مقدّمات الواجب المشروط فوجوبها أيضا كذلك ، وإذا كانت من مقدّمات الواجب المطلق فوجوبها أيضا مطلق ، ومحلّ النزاع (١) في وجوب المقدّمة بالنظر إلى التقسيم المذكور أيضا.
وأمّا بالنظر إلى النفسيّ والغيري فلا يعقل النزاع إلاّ في الغيري وإن ادّعى بعض المحقّقين (٢) أنّ النزاع في الأوّل.
وأمّا بالنظر إلى التقسيم إلى الأصلي والتبعي فالظاهر أنّ النزاع أعمّ وإن ادّعى بعض (٣) أنّه في الأوّل.
وهذه الدعوى أخفى فسادا من الأولى وإن كانت فاسدة في نفسها ، لما قد مرّ مرارا : أنّ الحاكم بوجوب المقدّمة ـ على القول به ـ هو العقل ، وموضوع حكمه هو اللبّ ، لا اللفظ ، فإنه ـ على القول به ـ يحكم بالملازمة بين وجوب ذي المقدّمة وبين وجوب مقدّمته بالوجوب الغيري ، ولا يوجب إفادته بخطاب أصلي.
ثمّ إنّ الوجوب له إطلاقات : فقد يطلق على مجرّد صفة التوقّف واللابدّية التي هي معنى المقدّمية ، وقد يطلق على عدم انفكاك شيء عن آخر ، وقد يطلق على الطلب الحتمي الإرشادي العقلي ، وقد يطلق على الطلب الحتمي الآمري المولوي.
لا نزاع في وجوب المقدّمة بالمعنى الأوّل ، بل لا يعقل ، إذ الكلام في وجوب المقدّمة بعد الفراغ عن ثبوت مقدّميتها ، وهو ينافي النزاع في مقدّميتها ، ولا بالمعنى الثاني قطعا وبالضرورة ، ولا بالثالث ، إذ لا نزاع لأحد أنّ العقل يحكم حتما بأنّ من أراد ذا المقدّمة فليأت بمقدّمته لكي يحصل بها غرضه ، فانحصر النزاع في
__________________
(١) في الأصل : حمل النزاع ..
(٢ و ٣) وهو المحقّق القمّي ( قدّه ) في قوانينه : ١ ـ ١٠١ ـ ١٠٣ ، المقدمة السادسة والسابعة.