والحاصل : أنّ من خلا ذهنه عن الاعوجاج والانحراف لو أنصف حقّ الإنصاف ، وجانب سبيل الاعتساف ، يجد بالضرورة من نفسه عند طلبه لشيء (١) حالة طلب إجمالية بالنسبة إلى مقدّمة ذلك الشيء مركوزة في نفسه قبل الالتفات إليها منبعثة عن الطلب لذلك الشيء موجبة للطلب الفعلي (٢) المولوي للمقدّمة لغيره ، وما نعني بوجوب المقدّمة والطلب المتعلّق بها إلاّ هذا المقدار (٣).
وثانيهما : ما أفاده سيّدنا الأستاذ ـ دام ظلّه ـ : أنّه لا شبهة في صحّة الطلب الغير الإرشادي للمقدّمة (٤) عند طلب ذيها ، بل في وقوعه بالنسبة إلى بعض المقدّمات الشرعية كالأمر بالوضوء عند دخول وقت الصلاة بمعنى أنّ من طلب شيئا يصحّ له طلب ما يتوقّف عليه أيضا بالطلب المولوي ، ولا يقبح منه ذلك عند العقلاء ، وإذا صحّ ذلك في بعض الموارد يلزم منه صحته مطلقا
__________________
(١) في الأصل : بشيء ..
(٢) هذه الكلمة في نسخة الأصل ـ في هذا المورد وفي نظائره مما يأتي ـ ظاهرة أو محتملة في ( العقلي ) ، وقد أثبتناها في المتن ( الفعلي ) بمقتضى السياق ، فتأمّل.
(٣) قولنا : ( إلاّ هذا المقدار ). إن قيل : وأيّ فائدة في إيجاب هذا المقدار؟
قلنا : لا شبهة أنّ تلك الحالة الإجمالية الموجبة للطلب الفعلي عند الالتفات يترتّب عليها ما يترتّب على الطلب الفعلي كما أشرنا إليه ، إذ العقلاء لا يفرّقون في باب الإطاعة بين اطّلاع العبد على طلب مولاه فعلا وبين اطّلاعه على منشأ الطلب الموجود في نفسه مع غفلته عنه ، بل يجعلون كلا من الطلب وتلك الحالة المنشئة له على حدّ سواء ، فيلزمون العبد بالإتيان إرشادا بمجرّد اطّلاعه على أيّهما كان.
هذا ، مضافا إلى أنّ الغرض الأصلي من البحث إنّما هو تحقيق الحال في مقدّمات الواجبات الشرعية ، ولا ريب أنّ وجود تلك الحالة فيها ملازم للطلب الفعلي ، لاستحالة تطرّق احتمال الغفلة إلى الشارع. لمحرّره [ عفا الله عنه ].
(٤) في الأصل : بالمقدّمة ..