لوجود العلّة المصحّحة له في مورد خاصّ في جميع الموارد بعينها ، وهي كون الشيء مقدّمة للمطلوب النفسيّ الّذي لا يحصل إلاّ بذلك الشيء ، أمّا كون العلّة المصحّحة له في بعض الموارد هذه فواضح ، وأمّا وجودها في جميع الموارد على حدّ سواء فلمساواة كلّ مقدّمة مع أختها في جهة المقدّمية ، وهي مدخليتها في وجود ذيها بحيث لولاها لما حصل ذلك ، وإذا صحّ ذلك في جميع الموارد لتلك الحكمة يلزم (١) منه وقوعه في جميعها ممّن التفت إلى تلك الحكمة ، لأن كلّ حكمة مصحّحة لحكم تكون علّة لوقوع ذلك الحكم مع عدم المانع من الوقوع كما هو المفروض في المقام بالضرورة ، لأنّ المقتضي لشيء مع عدم المانع منه علّة تامّة لوجوده ، ولا يعقل تحقّق العلّة بدون المعلول ، فيلزم من صحة ذلك وجوبه لذلك.
نعم لا يجب بيان ذلك الطلب باللسان ، بل يصحّ التعويل في إفهامه على العقل أيضا.
هذا ، وإن شئت قرّر الوجه هكذا ، لا ريب في ثبوت الطلب على الوجه المذكور بالنسبة إلى بعض المقدّمات ، ووقوعه فيما ثبت وقوعه فيه ملازم لصحّته بالضرورة ، لاستحالة صدور القبيح من الشارع ، فإذا ثبت صحّته في ذلك المورد يلزم صحّته مطلقا ، فيلزم وقوعه كذلك ممن التفت إلى الحكمة المصحّحة لما تقرّر في التقرير الأوّل.
وكيف كان ، فلا نظنّ بأحد إنكار صحّته في الجملة ـ بل وقوعه كذلك ـ وصحّته كذلك ملازمة (٢) لوجوبه لما مرّ بالنسبة إلى الملتفت ، فهذا دليل على ثبوت الطلب الغيري الفعلي التشريعي لمقدّمات (٣) الواجبات الشرعية ، لكون الآمر
__________________
(١) في الأصل : فيلزم ..
(٢) في الأصل : ملازم ..
(٣) في الأصل : بمقدّمات ..