اتّفاق العلماء على هذا المطلب يكشف عن رأي المعصوم وعن عدم رضاه بترك مقدّمة الواجب كسائر اتّفاقاتهم على سائر الأحكام الشرعية ، وإنّما يرد ما ذكر على تقدير [ كون ] معقد الإجماع المذكور هو ثبوت الملازمة عقلا بين طلب شيء وبين طلب ما يتوقّف عليه.
هذا ، لكن الإنصاف عدم سلامة الاستدلال عن المناقشة على هذا التقدير أيضا ، لأنّه لمّا كان الطريق إلى ثبوت المطلوب المذكور لا ينحصر في الشرعي ـ بل للعقل مدخل فيه أيضا ـ فذلك يوهن استناد المجمعين على وجوب المقدّمة شرعا إلى ما وصل إليهم من صاحب الشرع لاحتمال أن يكون اتّفاقهم ذلك لاجتهادهم بسبب الدليل العقلي ، بل لعلّه أظهر الاحتمالين.
قال دام ظلّه : والظاهر أنّ مراد المستدلّ بالإجماع المذكور هو اتّفاق العقلاء كافّة ، لا الإجماع المصطلح ، فهو ـ على تقدير ثبوته كما هو الحقّ ـ كاشف عن حجّية المدّعى ، وهذا هو المعبّر [ عنه ] ـ في لسان بعض من وافقنا في المدّعى ـ بالضرورة (١) ، ضرورة أنه لم يرد منها ضرورة الدين ، لما يرى من الاختلاف في المقام ، بل غرضه ضرورة العقل والوجدان ، فافهم.
وأما الوجوه الرديئة :
فمنها : ما عن أبي الحسين البصري (٢) من أنّه ( لو لم تجب مقدّمة الواجب لجاز تركها ، وحينئذ فإمّا أن يبقى وجوب ذيها ، أو لا ، فإن بقي يلزم التكليف بما لا يطاق ، وإلاّ يلزم (٣) خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا ). انتهى.
__________________
(١) المدّعي هو المحقّق الدواني (ره) على ما جاء في هداية المسترشدين : ١٩٨.
(٢) المعتمد في أصول الفقه : ١ ـ ٩٥ ـ باب : في الأمر بالشيء هل يدلّ على وجوب ما لا يتمّ الشيء إلاّ به ، أم لا؟
(٣) في الأصل : فيلزم ..