قد عرض له [ الوجوب أو ] الامتناع العرضي.
فإذا عرفت هذا فالمجيب عن ذلك المستدلّ هنا : إن أراد بذكر تلك القضيّة ما هو المراد بها هناك ـ وهو كون الفعل بعد تفويت مقدّمته أيضا مقدورا بالذات ـ فهي لا تجديه في شيء لتسليم المستدلّ بهذا الطلب ، فإنّه لم يرتّب التالي على الامتناع الذاتي ، ولا يدّعي ذلك أصلا بل على العرضي الحاصل باختيار المكلّف.
وإن أراد بها أنّ القدرة على الواجب مع تفويت المقدّمة باقية على حالها وموجودة فعلا ـ فيكون المراد بالقضية أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي بقاء القدرة حال الامتناع ، فيصحّ بقاء التكليف ـ فالضرورة والحسّ يناديان بفساده ، فإنّا نشاهد أنّه لا يقدر عليه حينئذ.
هذا ، مضافا إلى كونه تناقضا في نفسه ، وإلى أنّه لم يرد بها ما هو المقصود منها في محلّه.
وإن أراد أنّ كون الفعل مقدورا بالذات يصحّح بقاء الطلب له (١) حال امتناعه بالعرض وباختيار المكلّف ، فضرورة العقل تنكره لامتناع طلب الغير المقدور ولو لعارض.
والثاني (٢) : ما ذكره صاحب المعالم (٣) ـ قدّس سرّه ـ من أنّه بعد اختيار بقاء الوجوب أنّ المقدور كيف يكون ممتنعا؟! والكلام إنّما هو في المقدور ، وتأثير الإيجاب في القدرة غير معقول.
والظاهر أنّه فهم من قول المستدلّ : ( وحينئذ ) حين جواز الترك ، لا نفس
__________________
(١) في الأصل : بقاء الطلب به ..
(٢) الوجه الثاني من وجوه الأجوبة. [ على ما في هامش المخطوطة ].
(٣) المعالم : ٦١. وعبارة المتن هي عبارة المعالم بأدنى تغيير.