والعقاب على نفسه ، فيشمل الواجب الغيري ، حيث إنّ تركه سبب لاستحقاقهما ، فلأجل ذلك لمّا رأى ما نقلنا عن بعض الأفاضل ـ من حكمه بثبوت استحقاق العقاب على الواجب بتفويت مقدّمته المؤدّي إلى امتناعه على القول بجوازها ـ زعم (١) أنّ مراده : أنّ ترك المقدّمة من حيث هو سبب لاستحقاق العقاب فيكون هذا معنى وجوبها الغيري ، ولم يلتفت إلى أنّ غرضه أنّ تركها ـ من حيث كونه عصيانا حكميا للواجب ـ سبب له كما مرّ بيانه بما لا مزيد عليه ، فتدبّر.
هذا مضافا إلى النقض عليه بلوازم الواجب الملازمة له (٢) في الوجود ، كاستدبار الجدي بالنسبة إلى استقبال القبلة ، حيث إنّ تركه سبب لترك الاستقبال الواجب ولاستحقاق العقاب ، مع أنّه لا قائل بوجوب اللوازم كما مرّت الإشارة إليه ، فلا تغفل.
السادس : ما ذكره بعض أفاضل المتأخّرين (٣) من أنّ مؤدّى الدليل المذكور مؤدّ إلى الدور ، ولم يبيّن وجهه كملا ، وكأنّه زعم : أنّ مراد المستدلّ أنّه يشترط في صحّة إيجاب شيء إيجاب مقدّمته أوّلا ، ثمّ إيجاب نفس ذلك الشيء ، لئلا يلزم التكليف بما لا يطاق ، مع أنّ وجوب المقدّمة من توابع وجوب ذيها يحصل بعد حصوله ، فيكون ذلك دورا لتوقّف وجوب الواجب على وجوب ما يتوقّف وجوبه على وجوبه.
__________________
(١) في الأصل : فزعم ..
(٢) في الأصل : معه ..
(٣) وهو صاحب الفصول ـ قدّه ـ على ما في هامش المخطوطة ، راجع الفصول : ٨٥ عند قوله : ( وأيضا وجوب المقدّمة من لوازم وجوب الواجب وتوابعه المتوقّفة عليه بالضرورة ، فلا يكون ممّا يتوقّف عليه وجوب الواجب ... وإلاّ لكان دورا ) ..