ـ وعلى جميع تقادير تلك الأمور من تقدير وجودها وتقدير عدمها ـ ، وإمّا أن يطلبه على تقدير وجودها ، لكن التالي باطل بكلا قسميه : ـ أمّا الأوّل : فلكونه تكليفا بغير المقدور ، إذ يمتنع إيجاد الفعل حال عدم مقدّمته ، وأمّا الثاني : فلاستلزامه انقلاب الواجب المطلق إلى المشروط ، حيث إنّ الكلام إنّما هو في المقدّمات الغير المتوقّف عليها وجوب ذيها ، ولازم ذلك انتفاء العقاب على تركه بترك مقدّمته لعدم وجوب الواجب عليه قبل وجود المقدّمة ، فلا يكون تركه منشأ للعقاب ، ولا عقاب على ترك المقدّمة أيضا لعدم وجوبها بالفرض ، وهذا خلاف الضرورة ، ضرورة ثبوت استحقاق العقاب حينئذ ـ فكذا المقدم.
قال : ( وإنّما قيّدنا الأمور التي يلتفت إليها الطالب حين طلبه بالمغايرة احترازا عن الأجزاء ).
وهذا الدليل حقيقة عين ما مرّ من أبي الحسين كما لا يخفى ، وعين الدليل السابق منه ـ قدّس سرّه ـ.
والجواب عنه : أوّلا ـ بالنقض بأجزاء نفس الواجب التي أخرجها بقيد المغايرة ، لعدم الفرق بينها وبين المقدّمات الخارجية من حيث مدخليتها في وجود الواجب ، وكون عدمها سببا لانعدامه ، فنقول : إن وجوبه بالنظر إلى تقديري وجودها وعدمها : إما مطلق ، أو مشروط بوجودها :
فعلى الأوّل يلزم التكليف بما لا يطاق.
وعلى الثاني يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا فما هو الواجب عن هذا فهو الجواب عن ذلك.
وثانيا ـ بالنقض بلزوم المحذور المذكور على تقدير وجوب المقدّمة أيضا ، فإنّ منشأه إنّما [ هو ] دوران الأمر بين تعلّق الوجوب بالفعل مطلقا بالنسبة إلى تقديري وجود المقدّمات وعدمها وبين تعلّقه به على تقدير وجودها ، فما هو الجواب عنه فهو الجواب لنا.