أحد طرفي المقدور أو من اختيار سببه.
قال المحقّق الطوسي في التجريد في جواب شبهة النافين لاستناد الأفعال التوليدية إلى قدرتنا واختيارنا : من أنّها لا يصحّ وجودها وعدمها منّا ، فلا تكون مقدورة لنا : ( والوجوب باختيار السبب لاحق ) (١) كيف ولو كان الوجوب باختيار السبب منافيا للمقدورية لزم أن لا يكون الواجب تعالى بالنسبة إلى كثير من أفعاله قادرا ـ تعالى عن ذلك ـ لما تقرّر من أنّ الحوادث اليومية مستندة إلى أسباب موجودة مترتّبة منتهية إليه تعالى. انتهى كلامه.
ولا يذهب عليك : أنّ ما ذكره المحقّق المذكور يوهم جواز التكليف بالممتنع بواسطة الاختيار ، كما استفاد منه بعض من لم تسلم فطرته عن الاعوجاج ، بل المذكور في الجواب هو التحقيق الّذي لا محيص عنه من جواز العقاب على نفس المأمور به من دون مدخلية أمر ، وامتناعه في ذلك الوقت لا يضرّ في العقاب على تركه بعد استناد الترك إلى اختياره ، وكذا ما أفاده المحقّق الطوسي صريح فيما ذكرنا.
نعم قوله : ( ومثل هذا الامتناع لا ينافي المقدورية ) بظاهره يوهم اتّصاف المورد بالمقدورية بعد الاختيار إلاّ أنّ من المقطوع من حال ذلك العلاّمة أنّ مراده المقدورية حال الصدور. هذا.
ومنها : ما عن المحقّق السبزواري أيضا بتوضيح منا : من أنّه لو لم تجب المقدّمة : فإمّا أن يكون الطلب المتعلّق بذيها متعلّقا به مطلقا حتى على تقدير عدم المقدّمة ، وإمّا ان يكون متعلّقا على تقدير وجودها ، ضرورة أنّ الطالب لشيء إذا التفت إلى الأمور المغايرة لمطلوبه فلا يخلو حاله من أنّه إمّا أن يطلبه مطلقا
__________________
(١) تجريد الاعتقاد : ٢٠٠ ، وراجع شرح التجريد للعلاّمة (ره) : ٣٤٠ ، وشرح تجريد العقائد للقوشجي : ٣٤٨. ولم نجد فيها تمام العبارة.