التصريح آئلا إلى التناقض.
وكيف كان ، فامتناع التصريح بالجواز لا يلازم انتفاء الجواز شرعا ، حتّى يقال بأنّه يلزم خلوّه عن الأحكام ، بل الجواز الشرعي يمكن ثبوته مع امتناع التصريح به وبيانه ، بل أوكل الشارع بيانه إلى العقل.
وبعبارة أخرى : إنّ للشارع مانعا عن بيان الجواز بلسانه ، فنبّه بلسان العقل وأوكل البيان إليه (١) ، فلا يلزم التفكيك ولا خلوّ الواقعة عن الحكم ، ومراد من قال بأنّ الحكم بجواز الترك هنا عقليّ لا شرعيّ أنّ بيان الجواز هنا إنّما هو بلسان العقل ، لا الشرع لعدم الفائدة فيه ، فيقبح صدوره منه.
ومراده بالتفكيك بين حكمي العقل والشرع إنّما هو التفكيك في البيان ، لا الحكم نفسه ، حتى يمتنع التفكيك.
هذا ، ولهم وجوه أخرى أعرضنا عنها لعدم الفائدة في التعرّض لها (٢) ، والمعتمد هو الوجه الأوّل ، وبعده الثاني ، وعليهما نعوّل ، ونختار وجوب المقدّمة مطلقا بالوجوب الغيري المولوي وفاقا لشيخنا الأستاذ ـ قدّس سرّه ـ ولسيّدنا الأستاذ ـ دام ظلّه ـ (٣) ، ومنهما يظهر فساد حجّة النافين لوجوبها مطلقا أيضا ، وكذا فساد حجج القائلين بالتفصيل أيضا ، فلا نطيل الكلام بذكر حجج النافين مطلقا ، لكن لا بأس بالتعرّض الإجمالي لحجج المفصّلين ، فنقول :
__________________
(١) قال ـ دام ظلّه ـ بالفارسية : بجهت اينكه عقل كارش واقع تجويز است ونظر به قبح ندارد پس در وقتى كه إدراك كرد چيزى را ميگويد كه جائز است وأمّا شارع چون بايد فعل أو مبنيّ بر فائدة بأشد فلذا نميتواند تصريح بجواز ترك نمايد.
(٢) في الأصل : في تعرّضها ..
(٣) هذا من الموارد الدالّة أيضا على أنّ الكتاب الّذي بين يديك تحرير لا تقرير ، خلافا لما ذهب إليه المحقق الحجّة الثبت آغا بزرگ الطهراني (ره) في الذريعة.