النقصان فيها إنّما هي من حيث اشتغال المحلّ بالضدّ الآخر ، إذ المفروض أنّه لو يشتغل به يحصل ذلك قطعا ، فيكشف ذلك عن مانعية وجود الضدّ للضدّ الآخر وكون عدمه معتبرا في علّة وجوده. هذا.
ويمكن المناقشة فيه :
أمّا أوّلا ـ فبالنقض من وجوه :
الأوّل : بفرض اجتماع جميع أجزاء علّتي الضدّين معا وتواردهما في المحلّ الخالي عنهما دفعة من دون سبقه باشتغاله بأحدهما ، فلو كان جزء علّة كلّ منهما هو عدم الآخر في المحلّ حال وجود سائر أجزاء علّته ـ كما هو نتيجة الدليل المذكور ـ فلا ريب في تحقّقه في تلك الصورة بالنسبة إلى كلّ واحد منهما ، مع أنّه لا شبهة في امتناع وجود شيء منهما فيها ، فيكشف ذلك عن أنّ الشرط شيء آخر غير ما ذكر.
لا يقال : إنّ حكم تحقّق علّة الضدّ الآخر مع علّة الضدّ حكم وجود نفس ذلك الضدّ حال تحقّق علّته ، بمعنى أنّ الشرط إنّما هو عدم وجود الضدّ الآخر أو ما يلزمه مع علّة ذلك الضدّ ، فالشرط في الصورة المفروضة مفقود.
لأنّا نقول : لا تعاند ولا تمانع بين نفس علّتي الضدّين جدّاً ، ولا تنافي بين أنفس هاتين (١) بوجه ، بل إنّما جاء المنافاة من قبل معلوليهما ، فإنّهما اللذان يمتنع اجتماعهما ، فلا معنى لاشتراط عدم العلّة نفسها في وجود الضدّ الآخر ، ويكشف عن ذلك عدم صحّة تخلّل كلمة فاء بين انتفاء أحد الضدين وبين وجود علّة الآخر بان يقال : وجدت تلك فعدم هذا ، كما هو الشأن في العلل مع معلولاتها ، بل يعدّ ذلك مستهجنا جدّاً لعدم الربط بينهما بوجه.
الثاني : بلوازم الضدّين : إذ مع وجود لازم من لوازم أحدهما يمتنع وجود
__________________
(١) كذا في الأصل ، والصحيح ظاهرا : بين هاتين أنفسهما ..